عليك السلام ويقول لك: ما تقول في رجلٍ ضرب رجلاً على الرأس فادعى المضروب أنه قد منعه الشم؟ قال: فلم يكن عند شعبة جواب، فانصرف إلى جلسائه فقال لهم: ما تقولون في مسألة الأمير؟ فقالوا: وما هي؟ فأخبرهم، فلم يكن عند القوم جواب، فالتفت إلي فقال: ما اسمك؟ قلت: بقية، قال: إذا نزل بكم هذا إلى من ترجعون؟ قلت: إليك وإلى أمثالك، قال: دع هذا عنك إلى من ترجعون؟ قلت: إلى أبي عمرو عبد الحمن بن عمرو الأوزاعي، قال: ما يقول في مسألة الأمير؟ قلت: أصبحك الله يشمه الخردل المدقوق، فإن دمعت عيناه فكاذب، وإن لم تدمع عيناه فصادق.
قال: فأفتى رسول الأمير بذلك.
قال: وأقبل علي فحدثني في شهرين ما كنت أرضى أن يحدثنيه في ستة أشهر.
قال بقية: دخلت على هارون الرشيد فقال: يا بقية إني أحبك فقلت: ولأهل بلدي؟ قال: لا إنهم جند سوء، لهم كذا وكذا غدرة في الديوان.
قال: قلت يا أمير المؤمنين إذاً أنت وليهم ماذا تعهد إليهم؟ قال: أعهد إليهم أن يكونوا لليتامى كالأب الرحيم، وللأرامل كالزوج الشفيق، ويكونوا ويكونوا، ولا أرضى منهم بذلك حتى يضعوا أيديهم على رأسي، قال: فإنهم لا يفون بذلك يا أمير المؤمنين، نحن قوم عرب يسرفون علينا، فقال هارون الرشيد: فذلك كذلك، ثم قال: حدثني يا بقية، فقلت: حدثني محمد بن زياد الألهاني، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا سابق العرب إلى الجنة وسلمان سابق فارس إلى الجنة، وصهيب سابق الروم إلى الجنة، وبلال سابق الحبشة إلى الجنة ".
قال: زدني، قلت: حدثني محمد بن زياد الألهاني، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً، مع كل ألف سبعين ألفاً، وثلاث حثياتٍ من حثيات ربي ".
قال: فامتلأ من ذلك فرحاً وقال: يا غلام ناولني أكتبها.
قال: وكان القيم بأمره الفضل بن الربيع، ومتربته بعيدة، فناداني فقال لي: يا بقية ناول أمير المؤمنين بجنبك، قلت: ناوله أنت يا هامان، فقال: سمعت ما قال لي يا أمير المؤمنين؟ قال: اسكت فما كنت أنت عنده هامان حتى كنت أنا عنده فرعون.