هو رجلٌ كان في بني إسرائيل أعطي ثلاث دعواتٍ يستجاب له فيهن ما يدعو به، وكانت له امرأة، له منها ولد، وكانت سمجةً دميمة، قالت: ادع الله أن يجعلني أجمل امرأةٍ من بني إسرائيل؛ فدعا الله لها، فلما علمت أن ليس في بني إسرائيل مثلها رغبت عن زوجها وأرادت غيره؛ فلما رغبت عنه دعا الله أن يجعلها كلبةً نباحة؛ فذهبت منه فيها دعوتان؛ فجاء بنوها وقالوا: ليس بنا على هذا صبر! أن صارت أمنا كلبةً نباحة يعيرنا الناس بها، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليها أولاً؛ فدعا الله فعادت كما كانت، فذهبت فيها الدعوات الثلاث، فسميت البسوس.
فقيل: أشأم من البسوس.
قال أبو الفرج: المشهور عند أهل السير والأخبار أن البسوس التي يقال من أجلها: أشأم من البسوس: الناقة التي جرى فيما جرى من أمرها حرب داحس والغبراء.
والمعروف من قول أهل التأويل أن قوله عز وجل:" واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها " عنى به بلعم بن باعوراء الذي دعا للجبارين على موسى وبني إسرائيل.
وقال بعضهم نزلت في أمية بن أبي الصلت.
قال مقاتل بن سليمان: سمعت من حدثني عن كعب الحبر، وعن جماعة من الرواة، كلهم عن بلعم بن باعوراء.
وزاد بعضهم على بعض قالوا: إن بلعم بن باعوراء كان ينزل قريةً من قرى البلقاء - وفي رواية يقال لها بالعة - وكان يحسن اسم الله الأعظم، وكان متمسكاً بالدين، وإن موسى لما نزل أرض كنعان من الشام بين أريحا وبين الأردن، وجبل البلقاء والتيه، فيما بين هذه المواضع، قال: فأرسل إليه بالق الملك فقال: إنا قد رهبنا من هؤلاء القوم - يعني موسى بن عمران - وإنه قد جاز البحر ليخرجنا من بلادنا وينزلها بني إسرائيل، ونحن قومك وليس لك بقاءٌ بعدنا، ولا خير لك في الحياة بعدنا، وأنت رجلٌ مجاب الدعوة فاخرج فادع عليهم، فقال بلعم: ويلكم نبي الله معه الملائكة والمؤمنون، كيف أدعو الله عز وجل عليهم، وأنا أعلم من الله ما أعلم! وإني لا أدخل في شيء من أموركم فاعذروني.
فقالوا له: ما لنا من متركٍ في هذه الحال.
فلم يزالوا يترفقون به ويتضرعون إليه، قال بعضهم وكانت له امرأةٌ يحبها ويطيعها