شهد بلالٌ بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يعقب.
وكان مولدا من مولدي بني جمح، اشتراه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فأعتقه.
قال الوضين بن عطاء: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر اعتزلا في الغار، فبينما هما كذلك إذ مر بهما بلال وهو في غنم عبد الله بن جدعان، وبلال مولد من مولدي مكة، قال: وكان لعبد الله بمكة مائة مملوكٍ مولد؛ فلما بعث الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بهم فأخرجوا من مكة إلا بلالاً يرعى عليه غنمه تلك؛ فأطلع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه من ذلك الغار فقال:" يا راعي، هل من لبن؟ " فقال بلال: ما لي إلا شاةٌ منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إيت بها.
فجاء بها، فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقعبه، فاعتقلها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحلب في القعب حتى ملأه، فشرب حتى روي، ثم حلب حتى ملأه، فسقى أبا بكر، ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالاً حتى روي، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانت، ثم قال:" يا غلام، هل لك في الإسلام؟ فإني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
فأسلم، وقال:" أكتم إسلامك ".
ففعل وانصرف بغنمه، وبات بها وقد أضعف لبنها، فقال له أهله: لقد رعيت مرعىً طيباً فعليك به، فعاد إليه ثلاثة أيام يستقيهما ويتعلم الإسلام، حتى إذا كان اليوم الرابع، فمر أبو جهل بأهل عبد الله بن جدعان فقال: إني أرى غنمكم قد نمت وكثر لبنها! فقالوا: قد كثر لبنها منذ ثلاثة أيام وما نعرف ذلك منها! فقال: عبدكم ورب الكعبة يعرف مكان ابن أبي كبشة، فامنعوه أن يرعى ذلك المرعى؛ فمنعوه من ذلك المرعى.
ودخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة فاختفى في دارٍ عند المروة، وأقام بلالٌ على إسلامه، فدخل يوماً الكعبة وقريشٌ في ظهرها لا يعلم، فالتفت فلم ير أحداً، أتى الأصنام وجعل يبصق عليها ويقول: خاب وخسر من عبدكن فطلبته قريشٌ فهرب حتى دخل دار سيده عبد الله بن جدعان فاختفى فيها، ونادوا عبد الله بن جدعان فخرج فقالوا: أصبوت؟ قال: ومثلي يقال له هذا! فعلي نحر مائة ناقةٍ للات والعزى، قالوا: فإن أسودك صنع كذا وكذا، فدعا