للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام، وكان ابن قاطور وهو صاحب إيلياء وهرقل سقفه على نصارى الشام يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوماً خبيث النفس، فقال له بعض بطارقته: لقد أنكرنا هيئتك، فقال ابن قاطور: وكان هرقل رجلاً حزاء ينظر في النجوم فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمم؟ قالوا: ليس يختتن غير اليهود، فلا يهمنك شأنهم واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود، فبيناهم على أمرهم ذلك أتي هرقل برجل أرسل به ملك غسان بخبره عن خبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا مختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن. فسأله عن العرب أيختتنون؟ فقال: نعم هم يختتنون، فقال: هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر، فكتب هرقل إلى صاحب له برومية، وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص، فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق هرقل على خروج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ثم أمر بأبواهبا فغلقت ثم اطلع فقال لهم: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم؟ تتبعوا هذا الرجل. فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد أغلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من إيمانهم فقال: ردوهم علي، وقال: إني إنما قلت مقالتي التي قلت لكم أنفاً أختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت الذي أحب فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل.

المحفوظ ابن الناظور، ويقال بالطاء المهملة.

وقد كان أمير جند الروم باليرموك قد بعث عيناً من عرب الشام فدخل على المسلمين عسكرهم، فرجع إليه فأخبرهم أنهم بالليل رهبان وبالنهار فرسان، هم فيما بينهم كالعبيد وعلى من سواهم كالأسود، إذا قالوا صدقوا، وإذا عاهدوا أوفوا، يأخذون لله حقوقه ولو من أنفسهم، فقال: أف لك، لئن كنت صادقاً للموت خير من الحياة، وليمرن علينا منهم شر طويل.

وفي رواية: ولو سرق ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجموه.

وقد كان هرقل قبل مهزم خالد بن سعيد حج بيت المقدس، فبينما هو مقيم به أتاه الخبر بقرب الجنود منه، فجمع الروم وقال: أرى من الرأي أن لا تقاتلوا هؤلاء القوم وأن

<<  <  ج: ص:  >  >>