وعن أنس قال: أذن بلالٌ بليل، فأمره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيد الأذان، فرقي بلال وهو يقول:" من الرجز "
ليت بلالاً ثكلته أمه ... وابتل من نضح دمٍ حبينه
يرددها حتى صعد، فلما صعد نادى: ألا إن العبد نام، ألا إن العبد نام، فلما انشق الفجر أعاد الأذان.
أذن بلالٌ حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أذن لأبي بكر حياته، ثم لم يؤذن زمن عمر، فقال له عمر: ما يمنعك أن تؤذن؟ فقال: إني أذنت لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قبض، وأذنت لأبي بكر حتى قبض لأنه كان ولي نعمتي وقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:" يا بلال، ليس شيءٌ أفضل من عملك إلا الجهاد في سبيل الله ".
فخرج مجاهداً.
وعن سعد القرظ قال: خرجت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرأيت الزنج يتراطنون حين رأوه ليس معه أحد، ولم يدر به الناس، قال: فارتقيت على نخلةٍ فأذنت، قال: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما هذا يا سعد، من أمرك بهذا؟ " قال: قلت: يا رسول الله بأبي وأمي أنت، إني رأيت الزنج يتراطنون ولم يكن معك أحد، فخفتهم عليك، فأردت أن يعلم أنك قد جئت حتى يجتمع الناس؛ فقال:" أصبت، إذا لم يكن معي بلالٌ فأذن ".
قال: وكان النجاشي قد أهدى له عنزتين فأعطى بلالاً واحدة فكان يمشي بها بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى توفي.
قال: فجاء بلالٌ إلى أبي بكر الصديق فقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن أفضل أعمالكم الجهاد في سبيل الله ".
وقد أردت الجهاد، فقال له أبو بكر: أسألك بحقي إلا ما صبرت، إنما هو اليوم أو غد حتى أموت؛ فأقامٌ بلالٌ معه يمشي بالعنزة بين يديه حتى توفي أبو بكر، فجاء إلى عمر فقال له كما قال لأبي بكر، فسأله عمر بما سأله أبو بكر، فأبى، فقال: فمن