فسأل عنه فقال: أصلح الله الأمير، إنه ليقال فيه، فقال: الله أكبر، حدثني أبي عن جدي أبي موسى قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يسعى بالناس إلا ولد زنى ".
قال جويرة بن أسماء: لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد عليه بلال بن أبي بردة فهنأه، فقال: من كانت الخلافة - يا أمير المؤمنين - شرفته فقد شرفتها، ومن كانت زانته فقد زنتها، وأنت - والله - كما قال مالك بن أسماء:" من الخفيف "
وتزيدين طيب الطيب طيباً ... إن تمسيه أين مثلك أينا
وإذا الدر زان حسن وجوهٍ ... كان للدر حسن وجهك زينا
فجزاه عمر خيراً؛ ولزم بلالٌ المسجد يصلي، ويقرأ ليله ونهاره؛ فهم عمر أن يوليه العراق، ثم قال: هذا رجل له فضل، فدس إليه ثقةً له فقال له: إن عملت لك في ولاية العراق ما تعطيني؟ فضمن له مالاً جليلاً؛ فأخبر بذلك عمر، فنفاه وأخرجه وقال: يا أهل العراق إن صاحبكم أعطى مقولاً ولم يعط معقولاً، وزادت بلاغته ونقصت رادته.
وكان بلال بن أبي بردة يقول: يا معشر الناس، لا يمنعكم سوء ما تعلمون منا أن تقبلوا أحسن ما تسمعون.
وقال بلال بن أبي بردة: رأيت عيش الدنيا في ثلاثة: امرأة تسرك إذا نظرت إليها، وتحفظ غيبك إذا غبت عنها؛ ومملوكٌ لا تهتم بشيءٍ معه وقد كفاك جميع ما ينوبك، فهو يعمل على ما تهوى، كان قد علم ما في نفسك؛ وصديقٌ قد وضع مؤنة الحفظ عنك فيما بينك وبينه، فهو لا يتحفظ في صداقتك ما يرصد به عداوتك، يخبرك بما في نفسه، وتخبره بما في نفسك.
دخل مالك بن دينار على بلال بن أبي بردة فقال له: يا أبا يحيى ادع الله لي، فقال له: ما ينفعك دعائي لك وعلى بابك أكثر من مائتين يدعون عليك!.