صاحبته - قال: وأين تريد؟ فقلت: أريد الحبيبة - يعني عزة - فقال: ارجع من حيث جئت.
وواعد بثينة، فقلت: لا أقدر، من عندهم جئت وإذا رجعت من ساعتي اتهمني أبوها؛ فقال: لابد، فقلت: متى كان آخر عهدك بهم؟ قال: بالدوم وهم يرحضون أثواباً لهم، قال: فرجعت، فلما رآني أبو بثينة قال: يا كثير أليس كنت عندنا الآن؟ قلت: بلى ولكن ذكرت أبياتاً قلتها في عزة فأحببت أن أنشدك إياها، قال: وما هي؟ قال: وبثينة في خيمةٍ من وراء خيمته فأنشدته: " من الطويل "
فقلت لها يا عز أرسل صاحبي ... إليّ رسولاً والموكل مرسل
بأن تجعلي بيني وبينك موعدا ... وأن تأمريني بالذي فيه أفعل
وآخر عهدي منك يوم لقيتني ... بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل
قال: فضربت بثينة بيدها على الخباء وقالت: اخسأ، اخسأ، فقال أبوها: ما هذا يا بثينة؟ قالت: كلبٌ يأتينا من وراء الرابية إذا نام الناس يؤذينا، قال: فرجعت إلى جميل فقلت: قد وعدتك من وراء الرابية إذا نام الناس.
روى بعض أهل العلم لبثينة:" من الطويل "
تواعدني قومي بقتلي وقتله ... فقلت اقتلوني واخرجوه من الذنب
ولا تتبعوه بعد قتلي أذيةً ... كفى بالذي يلقاه من شدة الحب
لما مات جميل بن معمر رثته بثينة بهذين البيتين، وقيل: إنهما لم تقل غيرهما: " من الطويل "
وإن سلوي عن جميلٍ لساعةٌ ... من الدهر ما حانت ولا حان حينها
سواءٌ علينا يا جميل بن معمرٍ ... إذا مت بأساء الحياة ولينها