النهار ففرسان، يريشون النبيل ويبرونها ويثقفون القنا، لو حدثت جليسك حديثاً ما فهمه عنك لما علا من أصواتهم بالقرآن والذكر، فالتفت إلى أصحاب فقال: أتاكم منهم ما لا طاقة لكم به.
قال ابن إسحاق: كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يثبت لهم العدو فواقاً عند اللقاء، فقال هرقل وهو على أنطاكية لما قدمت منهزمة الروم، قال لهم: أخبروني ويلكم عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم أليسوا هم بشر مثلكم؟ قالوا: بلى، قال: فأنتم أكثر أم هم، قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافاً في كل موطن، قال: فما بالكم تهزمون كما لقيتموهم، فقال شيخ من عظمائهم: من أجل أنهم يقومون بالليل، ويصومون بالنهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنا نشرب الخمر ونزني ونركب الحرام وننقض العهد ونغصب ونظلم، ونأمر بما يسخط الله وننهي عما يرضي الله، ونفسد في الأرض. قال: أنت صدقتني.