للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض " للتجارة " فأصابتكم مصيبة الموت " يعني بديل بن أبي مارية حين انطلق تاجراً في البحر، فانطلق معه تميمٌ وعديٌ صاحباه، فحضره الموت فكتب وصيته ثم جعله في المتاع وقال: أبلغا هذا المتاع أهلي، فلما مات بديل قبضا المال فأخذا منه ما أعجبهما؛ وكان فيما أخذا إناءً من فضة فيه ثلاث مائة مثقال منقوشاً مموهاً بالذهب، فلما رجعا من تجارتهما دفعا بقية المال إلى ورثته، ففقدوا بعض متاعه فنظروا إلى الوصية فوجدوا المال فيه تاماً لم يبع منه ولم يهب؛ فكلموا تميماً وصاحبه فسألوهما: هل باع صاحبنا شيئاً أو اشترى فخسر فيه؟ أو طال مرضه فأنفق على نفسه؟ قالا: لا، قالوا: فإنا قد افتقدنا بعض ما أبدى به صاحبنا، قالا: ما لنا علم بما أبدى ولا بما كان في وصيته، ولكنه دفع إلينا هذا المال فبلغناكم إياه.

فرفعوا أمرهما إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونزلت " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت " يعني بديل بن أبي مارية - " اثنان ذوا عدلٍ منكم " من المسلمين: عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان " أو آخران من غيركم " من غير أهل دينكم - يعني النصرانيين " إن أنتم " يا معشر المسلمين " ضربتم في الأرض " تجاراً " فأصابتكم مصيبة الموت " يعني بديل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي " تحبسونهما " يعني النصرانيين تقيمونهما " من بعد الصلاة " يعني صلاة العصر " فيقسمان بالله " يقول: فيحلفان بالله " إن ارتبتم " يعني إن شككتم - نظيرها في النساء الصغرى - أن المال كان أكثر من هذا الذي أتيناكم به " لا نشتري به ثمناً " يقول: لا نشتري بأيماننا عرضاً من الدنيا " ولو كان ذا قربى " يقول: ولو كان الميت ذا قرابة منا " ولا نكتم شهادة الله " إنا إذا كتمنا شيئاً من المال " إنا إذاً لمن الآثمين " بالله؛ فحلفهما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند المنبر بعض صلاة العصر، فحلفا أنهما لم يخونا شيئاً من المتاع، فخلى سبيلهما.

فلما كان بعد ذلك، وجد الإناء الذي فقدوه عند تميم الداري، قالوا: هذا كان من آنية صاحبنا الذي كان أبدى بها، وقد زعمتما أنه لم يبع ولم يشتر ولم ينفق على نفسه؛ فقالا: قد كنا اشتريناه منه فنسينا أن نخبركم به.

فرفعوهما إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثانية، فقالوا: يا نبي الله إنا وجدنا مع هذين إناءً من فضة من متاع صاحبنا؛ فأنزل الله عز وجل "

<<  <  ج: ص:  >  >>