له عبد الملك ألا تنبئني عنك لمَ كان أبوك يشتمك ويبعدك، إني لأحسبه كان يعلم منك ما تستحق منه أن يفعل ذلك بك؟ فقال: إذن أخبرك يا أمير المؤمنين: كنت أشير عليه فيستصغرني، ويرد نصيحتي، من ذلك أني نهيته أن يقاتل بأهل مكة، وقلت له: لا تقاتل بقومٍ أخرجوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخافوه، فلما جاؤوا إلى الإسلام أخرجهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعرض بجده الحكم بن أبي العاص حين نفاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونهيته عن أهل المدينة، وذكرته أنهم خذلوا أمير المؤمنين عثمان، وتقاعدوا عنه حتى قتل بين ظهرانيهم - يعرض ببني أمية وأبيه مروان - فقال عبد الملك: اسكت لعنك الله، فأنت كما قال الأول:
شنشنةٌ أعرفها من أخزم
قال ثابت: إني لكذلك في حلمي السلف، غير جبان ولا غدار - يعرض بغدره بعمرو بن سعيد بن العاص - وإني لكما قال كعب بن زهير:" من الطويل "
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته ... ولم أخزه لما تغيب في الرجم
أقول شبيهاتٍ بما قال عالمٌ ... بهن ومن أشبه أباه فما ظلم
فأشبهته من بين من وطئ الثرى ... ولم ينتزعني شبه خالٍ ولا ابن عم
مات ثابت بن عبد الله بن الزبير بسرغ من طريق الشام، منصرفاً من عند سليمان بن عبد الملك إلى المدينة، وهو ابن سبعٍ أو ثمان وسبعين سنة.