وهو الباب الشرقي، فحاصر دمشق بعد موت أبي بكر حولاً كاملاً وأياماً، ثم إنه لما طال على صاحب دمشق انتظار مدد هرقل ورأى المسلمين لا يزدادون إلا كثرة وقوة، وأنهم لا يفارقونه أقبل يبعث إلى أبي عبيدة بن الجراح يسأله الصلح، وكان أبو عبيدة أحب إلى الروم وسكان الشام من خالد، وكان يكون الكتاب منه أحب إليهم، فكانت رسل صاحب دمشق إنما تأتي أبا عبيدة بن الجراح وخالد يلح على أهل الباب الذي يليه فأرسل صاحب الرجال إلى أبي عبيدة فصالحه، وفتح له باب الجابية، وألح خالد بن الوليد على الباب الشرقي ففتحه عنوة، فقال خالد لأبي عبيدة: اسبهم فإني قد فتحتها عنوة، فقال أبو عبيدة إني قد أمنتهم فتمم لهم أبو عبيدة الصلح، وكتب لهم كتاباً وهذا كتابه.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب لأبي عبيدة بن الجراح ممن أقام بدمشق وأرضها وأرض الشام من الأعاجم، إنك حين قدمت بلادنا سألناك الأمان على أنفسنا وأهل ملتنا، إنا شرطنا لك على أنفسنا ألا نحدث في مدينة دمشق ولا فيما حولها كنيسة ولا ديراً ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا نجدد ما خرب من كنائسنا ولا شيئاً منها ما كان في خطط المسلمين، ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار، وأن توسع أبوابها للمارة وابن السبيل، ولا نؤوي فيها ولا في منازلها جاسوساً، ولا نكتم على من غش المسلمين، وعلى ألا نضرب بنواقيسنا إلا ضرباً خفياً في جوف كنائسنا، ولا نظهر الصليب عليها، ولا نرفع أصواتنا في صلاتنا وقراءتنا في كنائسنا، ولا نخرج صليبنا ولا كتابنا في طريق المسلمين، ولا نخرج باعوثاً ولا شعانين، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر