للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغفر الله لك، ما كنت لأعلمك ذلك حتى تعلمه من غيري. وما كنت لأكسر عليك حربك حتى ينقضي ذلك كله، ثم قد كنت أعلمك إن شاء الله. وما سلطان الدنيا أريد وما للدنيا أعمل، وأن ما ترى سيصير إلى زوال وانقطاع، وإنما نحن إخوان وقوام بأمر الله عز وجل، وما يضير الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ولا دنياه. بل يعلم الوالي أنه كاد أن يكون أدناهما إلى الفتنة وأوقعهما في الخطيئة لما يعرض من الهلكة إلا من عصم الله، وقليل ما هم. ودفع أبو عبيدة عند ذلك إلى خالد بن الوليد الكتاب.

قال أبو حذيفة: وولي أبو عبيدة حصار دمشق وولي خالد بن الوليد القتال على باب الشرقي وولاه الخيل إذا كان يوم يجتمع فيه المسلمون للقتال، فحاصروا دمشق بعد هلاك أبي بكر حولاً كاملاً وأياماً. وساق الحديث.

وكان أهل دمشق قد بعثوا إلى قيصر وهو بأنطاكية رسلاً أن العرب قد حاصرونا وليست لنا بهم طاقة، وقد قاتلناهم مراراً فعجزنا عنهم فإن كان لك فينا وفي السلطان علينا حاجة فأمددنا وأعنا، وإلا فإنا في ضيق وجهد، فاعذرنا، وقد أعطانا القوم الأمان ورضوا منا بالجزية اليسيرة، فسرح إليهم أن تمسكوا بحصنكم وقاتلوا عدوكم على دينكم، فإنكم إن صالحتموهم وفتحتم حصنكم لهم لم يفوا لكم وجبروكم على دينهم واقتسموكم بينهم، وأنا مسرح إليكم الجيش في إثر رسولي هذا، فانتظروا جيشه فأبطأ عليهم. وكتب عمر إلى أبي عبيدة يأمره بالمناهضة.

وذكر سيف بن عمر: إن فتح دمشق كان بعد وقعة اليرموك.

وقيل في حديث آخر: فلما أيقن أهل دمشق أن الأمداد لا تصل إليهم فشلوا ووهنوا وأيسوا، وازداد المسلمون طمعاً فيهم، وقد كانوا يرون أنها كالغارات قبل ذلك، إذا هجم البرد قفل الناس، وسقط النجم والقوم مقيمون. فعند ذلك انقطع رجاؤهم وندموا على دخول دمشق. وولد للبطريق الذي على أهل دمشق مولود فصنع عليه، فأكل القوم وشربوا وغفلوا عن مواقفهم ولا يشعر بذلك أحد من المسلمين إلا ما كان من خالد. فإنه كان لا ينام ولا ينيم

<<  <  ج: ص:  >  >>