أن المسلمين لما افتتحوا مدينة دمشق بعثوا أبا عبيدة بن الجراح وافداً إلى أبي بكر ومبشراً بالفتح، فقدم المدينة فوجد أبا بكر قد توفي رحمة الله عليه واستخلف عمر بن الخطاب، فأعظم أن يأتمر أحد من أصحابه عليه، فولاه جماعة الناس، فقدم عليهم فقالوا: مرحباً بمن بعثناه بريداً فقدم علينا أميراً.
وقال مكحول: إن الذي أبرد بفتح دمشق رجل من الصحابة ليس بأبي عبيدة بل هو عقبة بن عامر. وهو أصح وعليه الناس.
قال: وفي حديث عبد الرحمن بن جبير خطأ في مواضع ثلاثة: أحدها قوله: إن دمشق فتحت في خلافة أبي بكر، وإنما حوصرت في حياته، ولم تفتح إلا بعد وفاته. والثاني قوله: إن عمر ولى أبا عبيدة بالمدينة. وإنما ولاه وهو مقيم بالشام. فبعث إليه بكتاب توليته وهم محاصرو دمشق، فكتمه أبو عبيدة خالداً حتى تم الفتح. والثالث قوله: إن أبا عبيدة كان البريد بفتح البلد، وإنما كان البريد عقبة بن عامر. ويدل عليه أيضاً إجماع أهل التواريخ على أن فتح دمشق كان سنة أربع عشرة، وبلا خلاف إن أبا بكر توفي سنة ثلاث عشرة في جمادى الآخرة. والله أعلم.
عن المغيرة قال: افتتح شرحبيل بن حسنة الأردن كلها عنوة ما خلا طبرية، فإن أهلها صالحوه وذلك بأمر أبي عبيدة. وبعث أبو عبيدة خالد بن الوليد فغلب على أرض البقاع، وصالحه أهل بعلبك وكتب لهم كتاباً.
وقال المغيرة: صالحهم على أنصاف منازلهم وكنائسهم ووضع الخراج.
وقال ابن إسحاق وغيره: في سنة أربع عشرة فتحت حمص وبعلبك صلحاً على يدي أبي عبيدة في ذي القعدة.