للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية بن أبي سفيان، إلى علي بن أبي طالب، ودفعهما إلي، وبعث معي رجلاً من عبس، لا أدري ما مع العبسي، قال: فقدمنا الكوفة فاجتمع الناس إلى علي في المسجد، ولا يشكون أنها بيعة أهل الشام، فلما فتح الكتاب لم يوجد شيء، وقام العبسي فقال: من ها هنا من أفناء قيس، إني أخص من قيس غطفان، وأخص من غطفان عبساً، وإني أحلف بالله لقد تركت تحت قميص عثمان أكثر من خمسين ألف شيخ، خاضبي لحاهم بدموع أعينهم متعاقدين متحالفين ليقتلن قتلته، وإني أحلف بالله ليقتحمنها عليكم ابن أبي سفيان بأكثر من أربعة آلاف من خصيان الخيل، في ظنكم بعد بما فيها من الفحول! فقال له قيس بن سعد: يا أخا عبس لا نبالي بخصيان خيلك ولا ببكاء كهولك، ولا يكون بكاؤه بكاء يعقوب على يوسف. ثم دفع العبسي كتاباً من معاوية فيه:

أتاني أمر فيه للناس غمة ... وفيه اجتداع للأنوف أصيل

مصاب أمير المؤمنين وهذه ... تكاد لها صم الجبال تزول

فلله عينا من رأى مثل هالك ... أصيب بلا ذنب وذاك جليل

دعاهم فصموا عنه عند دعائه ... وذاك على ما في النفوس دليل

ندمت على ما كان من تبع الهوى ... وحسبي منه حسرة وعويل

سأبغي أبا عمرو بكل مهند ... وبيض لها في الدار عين صليل

فأما التي فيها المودة بيننا ... فليس إليها ما حييت سبيل

سألقحها حرباً عواناً ملحة ... وإني بها من عامها لكفيل

قال: فأمر علي قيس بن سعد أن يجيبه في كتابه، فكتب إليه قيس:

معاوي لا تعجل علينا معاويا ... فقد هجت بالرأي السخيف الأفاعيا

وحركت منا كل شيء كرهته ... وأبقيت حزات النفوس كما هيا

بعثت بقرطاسين صفرين ضلة ... إلى خير من يمشي بنعل وحافيا

مضى أو بقي بعد النبي محمد ... عليه سلام الله عوداً وباديا

ألا ليت شعري والأماني ضلة ... على أي ما تنوي أردت الأمانيا

<<  <  ج: ص:  >  >>