ملك ". فطلع جرير بن عبد الله البجلي ثم القسري على راحلته حتى نزل على باب المسجد، ثم دخل فقال: يا معشر قريش، أين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: هذا هو، يعني نفسه عليه السلام، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم: " أتاكم أهل اليمن، وهم أرق أفئدة. الإيمان يمان والحكمة يمانية والغلظة والقسوة والكبرياء والفخر والجفاء عند أصحاب الوبر والصوف، نحو هذا المشرق في ربيعة ومضر ".
فلما جلس جرير بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: ما اسمك؟ قال: أنا جرير بن عبد الله البجلي. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا جرير، إنك لن تدرك شريعة الإسلام، ولن تدرك حقيقة الإيمان حتى تترك عبادة الأوثان ". قال جرير: يا رسول الله، قد أسلمت، فادعوا الله أن يشرح قلبي للإسلام. قال: " اللهم، اشرح قلبه للإيمان، ولا تجعله من أهل الردة، ولا تكثر له فيطغى، ولا تملي عينيه فينسى "، قال جرير: يا رسول الله، حدثني عما جئت أسألك عنه. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تسأل عن حق الوالد على ولده، وحق الولد على والده. وإن من حق الوالد على ولده أن يخشع له عند الغضب، ويؤثره عند الشكاية والوصب، فإن المجافي ليس بالواصل، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها. ومن حق الولد على والده أن لا يجحد نسبه، وأن يحسن أدبه ". قال جرير: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، هذا - والله الذي بعثك نبياً - الذي جئت له، وأنا أريد أن أسألك عنه، آمنت بالله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أين منزلك يا جرير؟ قال: نحن بأكناف بيشة بين سلم وأراك وسهل ودكداك وحمض وعلاك،