والمتلمس خال طرفة بن العبد، وكان سيداً، وإنما سمي المتلمس لقوله:
فهذا أوان العرض جن ذبابه ... زنابيره والأزرق المتلمس
روى أبو مسلم الخطابي في حديث سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كتب لعيينة بن حصين كتاباً. فلما أخذ كتابه قال: يا محمد، أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصحيفة المتلمس. يقول: لا أحمل إلى قومي كتابا لاعلم لي بمضمونه.
وكان من قصة المتلمس وصحيفته أنه وطرفة بن العبد كانا ينادمان عمرو بن هند ملك الحيرة فهجواه. وفي حديث: فبينما طرفة يوما يشرب معه في يده جام من ذهب فيه شراب أشرفت أخت عمرو فرأى طرفة خيالها في الإناء فقال:
ألا يا بأبي الظبي الذي يبرق شنفاه ... ولولا الملك القاعد قد ألثمني فاه
فسمعها عمرو فاصطنعها عليه، وأمسكها في نفسه، وقد كان هجاه فمما قاله فيه:
وليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثاً حول قبتنا تخور
وكان المتلمس قال في عمرو أيضاً شعراً كان يتوعده فيه، فبلغ ذلك عمراً، فهم عمرو بقتل المتلمس وطرفة، ثم أشفق من ذلك وأراد قتلهما بيد غيره، وكان على طرفة أحنق، فأراد قتله فعلم أنه إن فعل هجاه المتلمس، فكتب لهما كتابين إلى البحرين وقال لهما: إني قد كتبت لكما بصلة فخرجا من عنده والكتابان في يديهما، فمرا بشيخ جالس على ظهر الطريق متكشفاً لقضاء الحاجة، وهو مع ذلك يأكل ويتفلى. فقال أحدهما لصاحبه: هل رأيت أعجب من هذا الشيخ! فسمع الشيخ مقالته فقال: ما ترى من عجبي؟ أخرج خبيثاً وأدخل طيباً وأقتل عدواً، وإن أعجب مني لمن يحمل حتفه بيده وهو لايدري. فأوجس المتلمس في