للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ثم رجع أبو سفيان إلى النساء اللواتي مع المسلمين، وكان كثير من المهاجرات قد حضرن يومئذ مع أزواجهن وأبنائهن فأجلسهن خلف صفوف المسلمين وأمر بالحجارة فألقيت بين أيديهن، ثم قال لهن: لا يرجع إليكن أحد من المسلمين إلا رميتنه بهذه الحجارة وقلتن: من يرجوكم بعد الفرار عن الإسلام وأهله وعن النساء بأرض العدو؟ فالله الله.

قال: ثم رجع أبو سفيان فنادى المسلمين فقال: يا معشر أهل الإسلام حضر ما ترون، فهذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والجنة أمامكم، والشيطان والنار خلفكم ثم وقف موقفه.

قالوا: وزحفت الروم مكانها إلى المسلمين يدفون دفيفاً معهم الصلبان وأقبلوا بالأساقفة، والقسيسين، والرهبان والبطارقة، لهم زجل كزجل الرعد وقد تبايع عظماؤهم على الموت، ودخل منه ثلاثون ألفاً، كل عشرة في سلسلة لئلا يفروا.

قالوا: فلما نظر إليهم خالد مقبلين أقبل يركض حتى قطع صف المسلمين إلى نساء المسلمين وهن على تل مرتفع من العسكر حين وضعهن أبو سفيان فقال: يا سناء المسلمين، إيما رجل أقبل إليكن منهزماً فاقتلنه. ثم انصرف. فأتى أبا عبيدة فقال: إن هؤلاء قد أقبلوا بعدة زجل وفرح، وإن لهم عدة لا يردها شيء وليست خيلي بالكثيرة، ولا والله لا قامت خيلي لشدة خيلهم ورجالهم أبداً. وخيله يومئذ أما صفوف المسلمين ثلاثة. فقال خالد: قد رأيت أن أفرق خيلي فأكون في إحدى الخيلين، وقيس بن هبيرة في الخيل الأخرى ث تقف خيلنا من وراء الميمنة والميسرة، فإذا حمل على الناس ثبت الله أقدامهم. وإن كانت الأخرى حملنا خيولنا عليهم وهي جامة. وهم قد انتهت شدتهم وتفرقت جماعتهم فأرجو عندها أن يظفر الله بهم ويجعل الدائرة عليهم. وقد رأيت أن يجلس سعيد بن زيد مجلسك هذا وتقف من ورائه بحذائه في مئتين أو ثلاث مئة يكون للناس ردءاً.

قالوا: فقبل أبو عبيدة مشورته وقال: افعل ما أراك الله، وأنا فاعل ما أردت. فأجلس أبو عبيدة سعيد بن زيد مكانه وفعل ما أمره به خالد، فركب فرسه وأقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>