للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إذا بلغوا السها شرفا ... حقا وقصر عنهم الفخر

عز الزمان بهم فجعفرهم ... بعد الحجاب محله الجسر

وتمزقوا من بين مصطلم ... ومكبل قد ضمه الأسر

قال اسحق الموصلي: قال لي الرشيد بعد قتل جعفر وصلبه: اخرج بنا لننظر إلى جعفر فلما وصل إليه جعل ينظره ويتأمله، وأنشأ يقول:

تقاضاك دهرك ما أسلفنا ... وكدر عيشك بعد الصفا

فلا تعجبن فن الزمان ... رهين بتفريق ما ألفا

قال: فنظرت غليه ثم قلت: إن كنت يا جعفر أصبحت آية، فلقد كنت في الجود غاية، قال: فنظر إلي الرشيد كالجمل الصؤول وهو مغضب وأنشأ يقول:

ما يعجب العالم من جعفر ... ما عاينوه فبنا كانا

من جعفر أو من أبوه ومن ... كانت بنو برمك لولانا؟؟

ثم حول وجه فرسه وانصرف.

ولما بلغ سفيان بن عيينة قتل جعفر بن يحيى وما نزل بالبرامكة، حول وجهه إلى الكعبة وقال: اللهم، إنه قد كان كفاني مؤنة الدنيا، فاكفه مؤنة الآخرة.

قال الأصمعي: كنت أجالس الرشيد وأسامره، فوجه إلي ليلة في ساعة يرتاب فيها البريء، فتناولت أهبة الدخول عليه فمنعت من ذلك وأعجلت، فدخلني من ذلك رعب شديد وخوف، وجعلت أتذكر ذنباً فلا أجده، وجعلت نفسي تظن الظنون. فلما دخلت عليه سلمت ومثلت بين يديه قائما وهو مطرق، فرفع رأسه إلي، فلما رآني أمرني بالجلوس، فجلست، فقال: يا عبد الملك، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>