زابلاً؟ قال: الحشر. فقال الجنيد لصاحبه شرطه: إن فاتك زابل فهيئ نفسك فأتبع زابل على البريد، فلحق بالطريق بهمذان، فرد إلى الجنيد بمرو، فأعطاه الجنيد مائة ألف، وأعطى المذكر به الشاعر خمسين ألفاً. قال: وبين مرو وهمذان نحو ثلاث مائة فرسخ.
وكان الجنيد بن عبد الرحمن تزوج الفاضلة بنت يزيد بن المهلب، فغضب هشام على الجنيد وولى عاصم بن عبد الله خراسان، وكان الجنيد سقي بطنه فقال هشام لعاصم: إن أدركته وبه رمق فأزهق نفسه، فقدم عاصم وقد مات الجنيد.
وذكروا أن جبلة بن أبي رواد دخل على الجنيد عائداً فقال: يا جبلة، ما يقول الناس؟ قال: قلت: يتوجعون للأمير. قال: ليس عن هذا أسألك، ما يقولون؟ وأشار نحو الشام. قال: قلت: يقدم على خراسان يزيد بن شجرة الرهاوي. قال: ذلك سيد أهل الشام. قال: ومن؟ قلت: عصمة أو عصام. وكنيت عن عاصم. قال: إن قدم عاصم قعد وجاهد، لا مرحباً به ولا أهلاً. قال: فمات في مرضه وذلك في المحرم سنة ست وعشرة ومائة، واستخلف عمارة بن خريم، وكانت وفاته بمرو فقال أبو الجويرية عيسى بن عصبة يرثيه:
ذهب الجود والجنيد جميعاً ... فعلى الجود والجنيد السلام
أصبحا ثاويين في بطن مرو ... ما تغنى على الغصون الحمام
كنتما نهزة الكرام فلما ... مت مات الندى ومات الكرام
ثم أتى أبو الجويرية بعد ذلك خالد بن عبد الله وامتدحه فقال له خالد: ألست القائل: ذهب الجود والجنيد جميعاً اذهب إلى الجود حيث دفنته فاستخرجه.
وفي رواية: مالك عندنا شيء. فخرج فقال:
تظل لامعة الآفاق تحملنا ... إلى عمارة والقود السراهيد