للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الساعة! ما يؤذن عليه حتى يصبح. قال: أعلمه أني إنما رجعت شوقاً إليه قبل أن أصل. قال: فدخل عليه فأعلمه كلامه وأمره. قال: ففتح الباب ثم صاح البصري: أسرجوا، فأسرجت الشمع حتى كانت بيت المقدس كأنها النهار، ثم قال: من مر بكم فاضبطوه. قال: ودخل كما هو إلى الموضع الذي يعرفه، فنظر فإذا لا يجده، فطلبه فلم يجده، فقال أصحابه: هيهات تريدون أن تقتلوا نبي الله! قد رفع إلى السماء. قال: فطلبه في شق قد كان هيأه سرياً، قال: فأدخل البصري يده في ذلك الشق فإذا بثوبه، فاجتره فأخرجه إلى خارج، ثم قال للفرغانيين: اضبطوه فربطوه، فبينا هم يسيرون به البريد إذ قال: " أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله " الآية، فقال أهل فرغانة: أولئك العجم: " هذا كراننا فهات كرانك أنت " فسار به حتى أتى به عبد الملك.

فلما سمع به أمر بخشبة فنصبت، فصلبه، وأمر بحربة، وأمر رجلاً فطعنه، فأصاب ضلعاً من أضلاعه، فكعب الحربة، فجعل الناس يصيحون: الأنبياء لا يجوز فيهم السلاح. فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول الحربة، ثم مشى بها إليه، ثم أقبل يتحسس حتى وافى بين ضلعين فطعنه بها، فأنفذها فقتله.

قال الوليد بن مسلم:

بلغني أن خالد بن يزيد بن معاوية دخل على عبد الملك فقال: لو حضرتك ما أمرتك بقتله. قال: ولم؟ قال: إنما كان به المذهب. فلو جوعته ذهب ذلك عنه. وقيل: إن الحارث لما حمل على البريد وجعلت في عنقه جامعة من حديد فجمعت يداه إلى عنقه، فأشرف على عقبة بيت المقدس، فتلا هذه الآية: " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي ". قال: فتقلقلت الجامعة، ثم سقطت من يده ورقبته إلى الأرض، فوثب إليه الحرس الذين كانوا معه فأعادوها عليه، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>