يوماً فأتيت مجلس الحارث بن سليم، فتحدث القوم، وتحدث الحارث بن سليم. قال: شهدت مجلس سليمان بن عبد الملك، فأتى سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان فقال: يا أمير المؤمنين، أتيتك مستعدياً. قال: من بك؟ قال: موسى شهوات. قال: وماله! قال: سمّع بي واستطال في عرضي. قال: يا غلام، علي موسى. فأتي به فقال: أسمّعت به واستطلت في عرضه؟ قال: ما فعلت يا أمير المؤمنين، ولكني مدحت ابن عمه فغضب هو. قال: وما ذلك؟ قال: يا أمير المؤمنين، علقت جارية لم يبلغ ثمنها جدتي فأتيته وهو صديقي فشكوت ذلك إليه، فلم أصب عنده في ذلك شيئاً، فأتيت ابن عمه سعيد بن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فشكوت إليه ما شكوت إلى هذا، قال: تعود إلي، فتركته ثلاثاً ثم أتيته، فسهل من إذني، فما استقر المجلس حتى قال: يا غلام، قل لقيّمي: وديعتي، ففتح باباً بين بابين، فإذا أنا بالجارية. فقال لي: هذه بغيتك؟ قلت: نعم، فداك أبي وأمي. قال: اجلس. يا غلام، قل لقيمي: طيّبة نفقتي، فأتى بطيبة فنثرت بين يديه، فإذا فيها مائة دينار وليس فيها غيرها، فردت في الطيبة، ثم قال: عتيدتي التي فيها طيبي، فأتي بها فقال: ملحفة فراشي، فأتي بها. فضرب الطيبة وما في العتيدة حواشي الملحفة وقال لي: شأنك فهو لك واستعن بهذا عليه. فقال سليمان فذلك حين تقول ماذا؟ فقال:
أبا خالد اعني سعيد بن خالد ... اخا العرف لا أعني ابن بنت سعيد
ولكنّني اعني ابن عائشة الذي ... أبو أبويه خالد بن أسيد
عقيد الندى ما عاش يرضى به النّدى ... وإن مات لم يرض النّدى بعقيد
دعوه دعوه، أنكم قد رقدتم ... وما هو عن أحسابكم برقود
فقال: يا غلام، علي بسعيد بن خالد، فأتي به فقال: يا سعيد، لأحق ما وصفك به موسى! قال: وما هو يا أمير المؤمنين؟ فأعاد عليه فقال: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين. قال: فما طوقك ذلك، قال: الكلف. قال: فما حملتك الكلف؟ قال: دين والله يا أمير