ولا جذام أحد. فقام أبو حديدة فقال: إن الله وضعنا من بلاده حيث شاء، وساق إلينا الهجرة في بلادنا فقبلناها ونصرناها، أفتلك تقطع حقنا يا عمر؟ ثم قال: لكم حقكم مع السمين ثم قسم. فكان للرجل نصف دينار. فإذا كانت معه امرأته أعطاه ديناراً. ثم دعا ابن قاطورا صاحب الأرض فقال: أخبرني ما يكفي الرجل من القوم في الشهر واليوم فأتى بالمدي والقسط فقال: يكيفيه هذان لمديان في الشهر وقسط زيت وقسط خل. فأمر عمر بمديين من قمح فطحنا ثم عجنا ثم أدمهما بقسطين زيتاً ثم أجلس عليهما ثلاثين رجلاً فكان كفاف شبعهم، ثم أخذ عمر المديين بيمينه والقسط بيساره ثم قال: اللهم لا أخلي لأحد أن ينقصهما بعدي. اللهم فمن ينقصهما فأنقص من عمره.
قال الهيثم بن عمر: إني سمعت جدي يقول:
لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام فنزل الجابية، وكانت دمشق تشتعل طاعوناً، فهم أن يدخلها فقال له أصحابه: أما علمت أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إذا حل بكم الطاعون فلا تهربوا منه ولا تأتوه حيث هو، وقد علمت أن أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين معك قرحانون لم يصبهم طاعون قط، فأرسل عند ذلك رجلاً من جديلة ولم يدخلها هو إلى بيت المقدس فافتتحها صلحاً. ثم أتاها عمر ومعه كعب. فقال: أبا إسحاق، الصخرة، أتعرف موضعها؟ قال: إذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعاً وهي مزبلة ثم احفر فإنك ستجدها، فحفروا فظهرت لهم. فقال عمر لكعب: أين ترى أن نجعل المسجد قال: اجعله خلف الصخرة فتجمع القبلتين قبلة موسى وقبلة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ضاهيت اليهودية والله يا أبا إسحاق، خير المساجد مقدمها، فبناه في مقدم المسجد.
فبلغ أهل العراق أنه زار أهل الشام فكتبوا إليه يسألونه أن يزورهم كما زار أهل الشام، فهم أن يفعل فقال له كعب؛ أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تدخلها. قال: ولم؟ قال: فيها عصاة الجن وهاروت وماروت يعلمان الناس السحر. وفيها تسعة أعشار الشر وكل داء معضل. فقال عمر: قد فهمت كل ما ذكرته غير الداء المعضل، فما هو؟ قال: كثرة الأموال هو الذي ليس له شفاء. فلم يأتها عمر.