للمتواضعين، الواضع للمتكبرين، وصلى الله على خير رسول دل على خير سبيل، أيها الناس، إن الراعي مسؤول عن رعيته، فإن أحسن فله، وإن أساء فعليه، وأنه يخيل إلي أنكم لا تعرفون حقاً من باطل، وإني أسألكم عن ثلاث خصال، فإن أجبتم عنها وإلا ضربت عليكم خمس الجزية، وكنتم لذلك مستأهلين. أسألكم عن شيء لا يستغني عنه شيء، وعن شيء لا يعرف إلا بكنيته، وعن والد لا والد له فقام إليه جبير بن حية الثقفي فقال: لولا عزمتك أيها الأمير لم أجبك. أما الشيء الذي لا يستغني عنه شيء فالاسم، لأن الله خلق الأشياء فجعل لكل شيء اسماً يدعى به ويدل عليه. وأما الشيء الذي لا يعرف إلا بكنيته فأم الحبين. وأما الولد الذي لا والد له فعيسى بن مريم. قال: من أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا جبير بن حية الثقفي. قال: الآن ضل صوابك، ما بطأ بك عني مع قرب قرابتك؟ قال: أيها الأمير، إنك لا تبقي لقومك ولا يدوم عزك، لأن الدهر دول ولا نحب أن نصيب اليوم ما يصاب منا مثله في غد. قال: فأمر له بجائزة.
روى نافع: أن ابن عمر اعتزل بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج، فصلى مع الحجاج.
قال مكحول الأزدي: شهدت الحجاج بمكة فخطب الناس يوم جمعة، حتى كاد أن يذهب وقت الصلاة. فقام ابن عمر فقال: أيها الناس، قوموا لصلاتكم فقال الناس، فنزل الحجاج فصلى، فلما فرغ قال: من هذا؟ قال: قالوا: ابن عمر. قال: لولا أن به لمماً لعاقبته.
وفي رواية: فنزل الحجاج فصلى ثم دعا به فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: إنما تجيء للصلاة فإذا حضرت الصلاة فصل الصلاة لوقتها، ثم بقبق بعد ذلك ما شئت من بقبقة.
قال القعقاع بن المهلب: خطب الحجاج فقال: إن ابن الزبير غير كتاب الله، فقال ابن عمر: ما له سلطه الله على ذلك ولا أنت معه، ولو شئت أن أقول: كذبت، لفعلت.