عنقها. قال: ويلك يا حجاج ما أجهلك! تريد أن أدلك وأنت عدو الله على من هي ولي الله " قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين " قال: فما رأيك في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: على ذلك الفاسق لعنة الله ولعنة اللاعنين. قال: ولم لا أم لك؟ قال: إنه أخطأ خطيئة طبقت ما بين السماء والأرض. قال: وما هي؟ قال: استعماله إياك على رقاب المسلمين. فقال الحجاج: ما رأيكم فيه؟ قالوا: نرى أن نقتله قتلة لم يقتل مثلها أحد قال: ويلك يا حجاج، جلساء أخيك كانوا أحسن مجالسة من جلسائك. قال: وأي إخوتي تريد؟ قال: فرعون، حين شاور في موسى فقالوا:" أرجه وأخاه "، وأشار عليك هؤلاء بقتلي. قال: فهل حفظت القرآن؟ قال: وهل خشيت فراره فأحفظه! قال: هل جمعت القرآن؟ قال: ما كان متفرقاً فأجمعه. قال: قرأته ظاهراً؟ قال: معاذ الله، بل قرأته وأنا إليه، قال: فكيف تراك تلقى الله إن قتلتك؟ قال: ألقاه بعملي، وتلقاه بدمي. قال: إذاً أعجلك إلى النار. قال: لو علمت أن ذلك إليك، أحسنت عبادتك، وأيقنت عذابك، ولم أبغ خلافك، ومناقضتك. قال: إني قاتلك. قال: إذاً أخاصمك لآن الحكم يومئذ إلى غيرك. قال: نقمعك عن الكلام السيئ، يا حرسي اضرب عنقه، وأومأ إلى السيّاف ألا يقتله. فجعل يأتيه من بين يديه ومن خلفه ويروعه بالسيف، فلما طال ذلك عليه رشح جبينه. قال: جزعت من الموت يا عدو الله! قال: لا، يا فاسق، ولكن أبطأت علي بما لي فيه راجية. قال: يا حرسي، أعظم جرحه. فلما أحس بالسيف قال: لا إله إلا الله، والله لقد أتمها ورأسه على الأرض.
قال جعفر بن أبي المغيرة: كان حطيط صواماً قواماً، يختم في كل يوم وليلة ختمة، ويخرج من البصرة ماشياً حافياً إلى مكة في كل سنة، فوجّه الحجاج في طلبه فأخذ، فأتي به الحجاج فقال له: إيهاً، قال: قل، فإني قد عاهدت الله إن سئلت لأصدقن، ولئن ابتليت لأصبرن، ولئن عوفيت لأشكرن، ولأحمدن الله على ذلك. قال: ما تقول فيّ؟ قال: أنت عدو الله، تقتل على الظنّة. قال: فما قولك في أمير المؤمنين؟ قال: أنت شررة من شرره، وهو