وفي حديث آخر بمعناه، عن حذيفة قال: فقمت وإن جنبيّ ليضربان من البرد فمسح رأسي ووجهي ثم قال: ائت هؤلاء القوم حتى تأتينا بخبرهم، ولا تحدثن حدثاً حتى ترجع، ثم قال: اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته حتى يرجع. قال: فلأن يكون أرسلها كان أحب إلي من الدنيا وما فيها. الحديث.
وعن حذيفة قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية وحدي.
وعن زيد بن أسلم قال: قال رجل لحذيفة: أشكو إلى الله صحبتكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنكم أدركتموه ولم ندركه، ورأيتموه ولم نره. قال حذيفة: ونحن نشكو إلى الله إيمانكم به ولم تروه. والله ماتدري لو أنك أدركته كيف كنت تكون! لقد رئينا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الخندق، ليلة باردة مطيرة، إذ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم، جعله الله رفيق إبراهيم يوم القيامة؟ فما قام منا أحد. ثم قال: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم، أدخله الله الجنة؟ قال: فوالله ما قام منا أحد. قال: هل من رجل يذهب، فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيقي في الجنة؟ فما قام منا أحد. فقال أبو بكر: يا رسول الله، ابعث حذيفة. قال حذيفة: فقلت: دونك، فوالله ما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا حذيفة، حتى قلت: يا رسول الله بأبي وأمي أنت، والله ما بي أن أقتل، ولكني أخشى أن أؤسر. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنك لن تؤسر. فقلت: يا رسول الله، مرني بما شئت. فقال: اذهب حتى تدخل في القوم، فتأتي قريشاً فتقول: يا معشر قريش، إنما يريد الناس أن يقولوا غداً: أين قريش؟ أين قادة الناس؟ أين رؤوس الناس؟ تقدموا، فتقدموا، فتضلوا بالقتال، فيكون القتل بكم، ثم ائت كنانة فقل: يا معشر كنانة، إنما يريد الناس غداً أن يقولوا: أين كنانة؟ أين رماة الحدق؟ تقدموا، فتقدموا فتضلوا