قال أبو البحتري: قال حذيفة: لو حدثتكم بحديث لكذبني ثلاثة أثلاثكم، فقال: ففطن له شاب فقال: من يصدقك إذا كذبك ثلاثة أثلاثنا! فقال: إن أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يسألون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الخير، وكنت أسأله عن الشر. قال: فقيل له: ما حملك على ذلك؟ فقال: إنه من اعترف بالشر، وقع في الخير.
قال قتادة: قال حذيفة: لو كنت على شاطئ نهر، وقد مددت يدي لأغرف، فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصلت يدي إلى فمي حتى أقتل.
وعن حذيفة أنه قال: خذوا عنا، فإنا لكم ثقة، ثم خذوا عن الذين يأخذون عنا، فإنهم لكم ثقة، ولا تأخذوا عن الذين يلونهم. قالوا: لم؟ قال: لأنهم يأخذون حلو الحديث، ويدعون مره، ولا يصلح حلوه إلا بمره.
وقال حذيفة بن اليمان: عن الحق ثقيل، وهو مع ثقله مريء، وإن الباطل خفيف، وهو مع خفته وبيء، وترك الخطيئة خير من طلب التوبة، ورب شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال لنا حذيفة: إنا حملنا هذا العلم، وإنا نؤديه عليكم، وإن كنا لا نعمل به.
قال البيهقي: قوله: وإن كنا لا نعمل به، يريد والله أعلم فيما يكون ندباً واستحباباً، فلا يظن بهم أنهم كانوا يتركون الواجب عليهم ولا يعملون به، إذ كانوا أعمل الناس بما وجب عليهم، ويحتمل أن يكون ذهب مذهب التواضع في ترك التزكية.
وعن أبي الطفيل قال: قال حذيفة:
ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء