قالوا: فلما ولي عمر بن عبد العزيز أعرض عن تلك القطائع التي أقطعها عثمان ومعاوية وعبد الملك والوليد وسليمان، فلم يردها عمر على ما كانت عليه صافية، ولم يجعلها خراجاً، وأبقاها لأهلها تؤدي العشر.
قال: وأعرض عمر عن تلك الأشرية بالإذن لأهلها فيها، لاختلاط الأمور فيها، لما وقع فيها من المواريث، ومهور النساء، وقضاء الديون، فلم يقدر على تخليصه ولا معرفة ذلك. قال: وأعرض عن الأشرية التي اشتراها المسلمون بغير إذن ولاة الأمر، لما وقع في ذلك من المواريث واختلاط الأمور، وجعل الأشرية سواء، وأمضاه لأهله ولمن كان في يديه كالقطائع للأرض عشراً ليس عليها ولا على من صارت إليه بميراث أو شراء جزية.
قالوا: وكتب بذلك كتاباً قرئ على الناس في سنة مئة وأعلمهم أنه لا جزية عليها، وأنها أرض عشر. وكتب أن من اشترى شيئاً بعد سنة مئة فإن بيعه مردود، وسمي سنة مئة المدة، فسماها المسلمون بعده: المدة. فأمضى ذلك فبقية ولايته، ثم أمضاه يزيد وهشام ابنا عبد الملك.
قالوا: فتناهى الناس عن شراها بعد سنة مئة بسنيات، ثم اشتروا أشرية كثيرة كانت بأيدي أهلها، يؤدون العشر، ولا جزية عليها.
فلما أفضى الأمر إلى أبي جعفر عبد الله بن محمد أمير المؤمنين رفعت إليه تلك الأشرية وأنها تؤدي العشر، ولا جزية عليها، وأن ذلك أضر بالخراج وكسره، فأراد ردها إلى ألها. قيل له: قد وقعت في المواريث والمهور واختلط أمرها، فبعث المعدلين إلى كور الشام سنة أربعين أو إحدى وأربعين منهم: عبد الله بن يزيد إلى حمص، وإسماعيل بن عياش إلى بعلبك، في أشباه لهم، فعدلوا تلك الأشرية على من هي بيده شرى أو ميراث أو مهر، فعدلوا ما بقي بأيدي الأنباط من بقية الأرض على تعديل مسمى، ولم تعدل الغوطة في تلك السنة، وكان من كان بيده شيء من تلك الأشرية من أهل الغوطة يؤدي العشر حتى بعث أمير المؤمنين عبد الله بن محمد، هضاب بن طوق،