الزبير، ومر آل الزبير يشتمون آل علي. قال: هذه أفعلها. فاستبشر الناس بذلك، وكانت أهون عليهم، فكان أول من أقيم إلى جانب المرمر الحسن بن الحسن، وكان رجلاً رقيق البشرة، عليه يومئذ قميص كتان رقيقه، فقال له هشام: تكلم بسب آل الزبير. فقال: إن لآل الزبير رحماً أبلها ببلالها، وأربها بربابها، يا قوم، مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار! فقال هشام لحرسي عنده: اضرب. فضربه سوطاً واحداً من فوق قميصه، فخلص إلى جلده، فشرخه حتى سال دمه تحت قدمه في المرمر. فقام أبو هاشم عبد الله بن محمد بن علي فقال: أنا دونه أكفيك أيها الأمير، فقال في آل الزبير وشتمهم، ولم يحضر علي بن الحسين، كان مريضاً أو تمارض، ولم يحضر عامر بن عبد الله بن الزبير، فهم هشام أن يرسل إليه، فقيل له: إنه لا يفعل أفتقتله! فأمسك عنه، وحضر من آل الزبير من كفاه، وكان عامر يقول: إن الله لم يرفع شيئاً فاستطاع الناس خفضه، انظروا إلى ما صنع بنو أمية يخفضون علياً ويغرون بشتمه، وما يزيده الله بذلك إلا رفعة.
حدث فضيل بن مرزوق عن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: سمعته يقول لرجل من الرافضة: والله لئن أمكننا الله منكم لنقطعن أيديكم وأرجلكم، ثم لا نقبل منكم توبة. فقال له رجل: لم لا تقبل منهم توبة؟ قال: نحن أعلم بهؤلاء منكم، إن هؤلاء إن شاؤوا صدقوكم، وإن شاؤوا كذبوكم، وزعموا أن ذلك يستقيم لهم في التقية، ويلك إن التقية إنما هي باب رخصة للمسلم، إذا اضطر إليها وخاف من ذي سلطان أعطاه غير ما في نفسه، يدرأ عن ذمة الله عز وجل، وليس بباب فضل، إنما الفضل في القيام بأمر الله وقول الحق، وايم الله ما بلغ من أمر التقية أن يجعل بها لعبد من عباد الله أن يضل عباد الله.
قال الفضيل بن مرزوق: سمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن، وهو يقول لرجل ممن فعلوا فيهم:
ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وأن عصينا الله فأبغضونا، قال: فقال له الرجل: إنكم ذوو قرابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته. فقال: ويحكم، لو كان الله نافعاً بقرابة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا: أباه وأمه،