قال أبو عبيد: فمعناه والله أعلم: إن هذا كائن. وإنه سيمنع بعد في آخر الزمان، فاسمع قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدرهم والقفيز كما فعل عمر بأهل السواد، فهو عندي الثبت. وفي تأويل فعل عمر أيضاً حين وضع الخراج، ووظفه على أهله من العلم أنه جعله شاملاً عاماً على كل من لزمته المساحة وصارت الأرض في يده من رجل أو امرأة أو صبي أو مكاتب أو عبد، فصاروا متساوين فيها، لم يستثنى أحد دون أحد. ومما يبين ذلك قول عمر في دهقانة نهر الملك حين أسلمت فقال: دعوها في أرضها، تؤدي عنها الخراج، فأوجب عليها ما أوجب على الرجال.
وفي تأويل حديث عمر من العلم إنما جعل الخراج على الأرضين التي تغل من ذوات الحب والثمار، والتي تصلح للغلة من العامر والغامر، وعطل منها المساكن والدور، التي هي منازلهم، فلم يجعل عليهم فيها شيئاً.
وعن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال: يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذلك. ثم قال: يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار ولا مدي، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل الروم يمنعون ذلك، ثم أسكت هنيهة ثم قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يكون في آخر الزمان خليفة يحثي المال حثيثاً، لا يعده عداً.
قال الجريري: فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريانه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا: لا.