للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، فأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر. ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله جل وعز بظبا السيوف. وإن أردتم الحياة قبلناها وأخذنا لكم الرضا، فناداه القوم من كل جانب: التقية، التقية، فلما أفردوه أمضى الصلح.

قال أبو جميلة عن الحسن بن علي: أنه بينا هو ساجد إذ وجأه إنسان في وركه؛ فمرض منها شهرين، فلما برأ خطب الناس بعد قتل علي فقال: يا أيها الناس إنما نحن أمراؤكم ضيفانكم، ونحن أهل البيت الذين قال الله عز وجل: أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فكررها حتى ما بقي في المسجد أحد إلا وهو يخن بكاء.

حدث هلال بن خباب عن فلان قال: جمع الحسن بن علي رؤوس أهل العراق في قصر المدائن فقال: يا أهل العراق، لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث لذهلت: مقتلكم أبي، ومطعنكم بطني، واستلابكم ثقلي أو ردائي عن عاتقي، وإنكم قد بايعتموني أن تسالموا من سالمت، وتحاربوا من حاربت، وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا، ثم قام فدخل القصر وأغلق الباب دونهم.

قال الشعبي: لما صالح الحسن بن علي معاوية، قال له معاوية: قم فتكلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن أكيس الكيس التقي، وإن أعجز العجز الفجور، ألا وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق امرىء كان أحق به مني، أو حق لي تركته لمعاوية إرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ". ثم استغفر ونزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>