للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في وسطك. وهو هذا المسجد، يعني: مسجد دمشق أعبد فيه بعد خراب الدنيا أربعين عاماً، ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد عليك ظلك وبركتك، قال: فهو عند الله بمنزلة المؤمن الضعيف المتضرع.

وقال كعب الأحبار: ليبنين في دمشق مسجد يبقى بعد خراب الدنيا أربعين عاماً.

قال عبد الرحمن بن إبراهيم: حيطان مسجد دمشق الأربعة من بناء هود عليه السلام، وما كان من الفسيفساء إلى فوق فهو من بناء الوليد بن عبد الملك.

ولما أمر الوليد عبد الملك ببناء مسجد دمشق وجدوا في حائط المسجد القبلي لوحاً من حجر فيه كتاب نقش، فأتوا به الوليد فبعث إلى الروم فلم يستخرجوه، ثم بعث إلى العبرانيين فلم يستخرجوه، ثم بعث إلى كل من كان بدمشق من بقية الأشبان فلم يستخرجوه، فدل على وهب بن منبه فبعث إليه، فلما قدم عليه أخبره بموضع ذلك اللوح فوجدوه في ذلك الحائط، ويقال: ذلك الحائط بناه هود النبي صلى الله على نبينا وعليه وسلم، فلما نظر إليه وهب حرك رأسه، فإذا هو: بسم الله الرحمن الرحيم. ابن آدم، لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طويل ما ترجو من أملك، وإنما تلقى ندمك لو قد زلت بك قدمك، وأسلمك أهلك وحشمك، وانصرف عنك الحبيب، وودعك القريب، ثم صرت تدعى فلا تجيب، فلا أنت إلى أهلك عائد، ولا في عملك زائد، فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة وقبل الحسرة والندامة، وقبل أن يحل بك أجلك، وتنزع منك روحك، فلا ينفعك مال جمعته، ولا ولد ولدته، ولا أخ تركته، ثم تصير إلى برزخ الثرى ومجاورة المولى، فاغتنم الحياة قبل الموت، والقوة قبل الضعف، والصحة قبل السقم، قبل أن تؤخذ بالكظم، ويحال بينك وبين العمل. وكتب في زمان سليمان بن داود عليهما السلام.

وعن زيد بن واقد قال:

وكلني الوليد على العمال في بناء جامع دمشق فوجدنا فيه مغارة، فعرفنا الوليد

<<  <  ج: ص:  >  >>