ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك، فكان عبد الله بن عباس ينهاه عن ذلك، ويقول: لا تفعل.
وقال له عبد الله بن مطيع: إني فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك، ولا تسر إلى العراق، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولاً وعبيداً.
ولقيهما عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس بن أبي ربيعة بالأبواء منصرفين من العمرة، فقال لهما ابن عمر: أذكركما الله إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس، وتنظرا، فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان.
وقال ابن عمر لحسين: لا تخرج، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيره الله بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه، ولا تنالها يعني الدنيا فاعتنقه وبكى وودعه.
فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بن علي بالخروج، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له ألا يتحرك ما عاش، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس، فإن الجماعة خير.
وقال له ابن عباس: أين تريد يا بن فاطمة؟ قال: العراق وشيعتي، فقال: إني لكاره لوجهك هذا، تخرج إلى قوم قتلوا أباك، وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملة لهم، أذكرك الله أن تغرر بنفسك.
وقال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين بن علي على الخروج وقد قلت له: اتق الله في نفسك، والزم بيتك، فلا تخرج على إمامك.
وقال أبو واقد الليثي: بلغني خروج الحسين، فأدركته بملل فناشدته الله ألا يخرج، فإنه يخرج في غير وجه خروج، إنما يقتل نفسه، فقال: لا أرجع.