عهد الله ألا يدخل معي أحد في بنيانها ففعل ذلك، فحفر موضع الأركان حتى بلغ الماء ثم بناها، فلما استقلت على وجه الأرض غطاها بالحصر وهرب عن الوليد، فأقام يطلبه ولا يقدر عليه. فلما كان بعد سنة لم يعلم الوليد إلا وهو على بابه فقال له: ما دعاك إلى ما صنعت! قال: تخرج معي حتى أريك، فخرج الوليد والناس معه حتى كشف الحصر فوجد البنيان قد انحط حتى صار مع وجه الأرض فقال: من هذا كنت تؤتى، ثم بناها بنيانها الذي عليه حتى قامت.
وقيل: لما حفر لأركانها حتى بلغ الحفر إلى الماء ألقى على الماء جران الكرم، وبني الأساس عليه.
قال إبراهيم بن أبى حوشب النصري وكان جده أحد قومة المسجد في بنائه قال: حدثت أن الوليد بن عب الملك بعث إليه يوماً عند فراغه من القبة الكبيرة، فلم يبق منها إلا عقد رأسها فقال له: إني عزمت أن أعمدها بالذهب قال: فقال له: يا أمير المؤمنين، اختلطت؟! هذا شيء تقدر عليه؟! قال له: يا ماجن تقول لي هذا؟! فأمر به فشق عنه وضرب خمسين سوطاً. قال: ثم قال: اذهب فافعل ما أمرت به قال: فذكر لي أنه عمل لبنة من ذهب فحملها إليه، فلما نظر إليه وعرف ما فيها وما تحتاج القبة إلى مثلها قال: هذا شيء لا يوجد في الدنيا، ورضي عنه وأمر له بخمسين ديناراً.
ولما قطع الوليد بن عبد الملك بالرصاص لمسجد دمشق لأهل الكور كانت كورة الأردن أكثرهم في ذلك، فطلبوا الرصاص من النواويس الغادية وانتهوا إلى قبر حجارة في داخله قبر من رصاص، فأخرجوا الميت الذي فيه فوضعوه فوق الأرض، فوقع رأسه في هوة من الأرض وانقطع عنقه فسأل من فيه دم. فهالهم ذلك، فسألوا عنه فكان فيمن سألوا عنه عبادة بن نسي الكندي فقال لهم: هذا القبر قبر طالوت الملك.
وقيل: إنه لما فرغ الوليد بن عبد الملك من بناء المسجد قال له بعض ولده: أتعبت الناس في طينه كل سنة ويخرب سريعاً، فأمر أن يسقف بالرصاص، فطلب الرصاص في