للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبد الله بن عباس: أن إبراهيم عليه السلام أول من نصب أنصاب الحرم يريه جبريل عليه السلام موضعها، ثم جددها إسماعيل، ثم جددها قصي، ثم جددها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال عبيد الله: فلما كان عمر بن الخطاب بعث أربعة نفر من قريش: مخرمة بن نوفل وسعيد بن يربوع وحويطب بن عبد العزى وأزهر بن عبد عوف فنصبوا أنصاب الحرم.

وكان حويطب قد بلغ عشرين ومئة سنة، ستين في الجاهلية وستين في الإسلام.

فلما ولي مروان بن الحكم المدينة في عمله الأول، دخل عليه حويطب يوماً بعد ذلك، فتحدث عنده، فقال له مروان: ما سنك؟ فأخبره، فقال له مروان: تأخر إسلامك، أيها الشيخ، حتى سبقك الأحداث، فقال حويطب: الله المستعان، لقد هممت بالإسلام غير مرة كل ذلك يعوقني أبوك عنه، ويقول: تضع شرفك، وتدع دين آبائك لدين محدث، وتصير تابعاً؟ قال: فأسكت والله مروان، وندم على ما كان قال له.

ثم قال حويطب: أما كان أخبرك عثمان ما كان لقي من أبيك حين أسلم؟ فازداد مروان غماً.

ثم قال حويطب: ما كان في قريش أحد من كبرائها الذين بقوا على دين قومهم إلى أن فتحت مكة، كان أكره لما هو عليه مني، ولكن المقادير. ولقد شهدت بدراً مع المشركين فرأيت عبراً، رأيت الملائكة تقتل، وتأسر بين السماء والأرض، فقلت: هذا رجل ممنوع، ولم أذكر ما رأيت، فانهزمنا راجعين إلى مكة، فأقمنا بمكة، وقريش تسلم رجلاً رجلاً، فلما كان يوم الحديبية حضرت وشهدت الصلح، ومشيت فيه حتى تم، وكل ذلك أريد الإسلام. ويأبى الله إلا ما يريد، فلما كتبنا صلح الحديبية كنت أنا أحد شهوده، وقلت: لا ترى قريش من محمد إلا ما يسوءها، قد رضيت أن دافعته بالراح.

ولما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمرة القضية، وخرجت قريش عن مكة، كنت فيمن تخلف بمكة أنا وسهيل بن عمرو، لأن يخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا مضى الوقت وهو ثلاث، فلما انقضت الثلاث، أقبلت أنا وسهيل بن عمرو فقلنا: قد مضى شرطك فاخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>