فخرجت مع خادمها ودليلها، لا يعلم بها أحد حتى دخلت دمشق على عبد الملك بن مروان، فأتت أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان، وكانت أمها زينب بنت كعب بن حلحلة الخزاعي.
قالت: يا أم أيوب قصدتك لأمر بهظني وغم كظني، وأعلمتها الخبر، وقصت عليها القصة، فقالت أم أيوب: قد كنت أسمع أمير المؤمنين يكثر ذكر صاحبك، ويظهر التلظي عليه، قالت: وأين رحلتي إليك؟ قالت: سأدخلك مدخلاً وأجلسك مجلساً إن شفعت ففيه، وإن رددت فلا تنصبي، فلا شفاعة لك بعده، فأجلستها في مجلسها الذي كانت تجلس فيه لدخول عبد الملك ليلاً مغتراً.
فلما دنا أخذت بجانب ثوبه، ثم قالت: هذا مكان العائذ بك يا أمير المؤمنين، ففزع عبد الملك وأنكر الكلام.
فقالت أم أيوب: ما يفزعك يا أمير المؤمنين من كرامة ساقها الله إليك؟ فقال: عذت معاذاً، فمن أنت؟ قالت: تؤمن، يا أمير المؤمنين، من جئتك فيه. من كان من خلق الله، ممن تعرف أو لا تعرف، ممن عظم ذنبه لديك أو صغر شامياً أو عراقياً أو غير ذلك. من الآفاق؟ قال: نعم هو آمن.
قالت: بأمان الله ثم بأمانك يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، فمن هو أيتها المرأة؟ قالت: عبد الله بن فضالة، قال: أرسلي ثوبي أنبئك عنه.
قالت: أغدراً يا بني مروان؟ قال: لا، أرسلي ثوبي أحدثك ببلائي عنده وهو آمن لك ولمعاذك.