أبو طالب، فلم يزل يناشده حتى رده وبعث معه أبو بكر بلالاً وزوده الراهب من الكعك والزيت.
وشب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أبي طالب يكلؤه الله ويحفظه، ويحوطه من أمور الجاهلية ومعايبها لما يريد به من كرامته، وهو على دين قومه، حتى بلغ أن كان رجلاً أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقاً، وأكرمهم مخالطة، وأحسنهم جواراً، وأعظمهم حلماً وأمانة، وأصدقهم حديثاً، وأبعدهم من الفحش والأذى، ما رؤي ملاحياً ولا ممارياً أحداً، حتى سماه قومه الأمين لما جمع الله من الأمور الصالحة فيه، فلقد كان الغالب عليه بمكة الأمين. وكان أبو طالب يحفظه ويحوطه، ويعضده وينصره إلى أن مات.
قال ابن إسحاق: وكان أبو طالب هو الذي إليه أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد جده، فكان إليه ومعه. ثم إن أبا طالب خرج في ركب إلى الشام تاجراً. فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير هب له رسول الله صلى الله عله وسلم فأخذ بومام ناقته وقال: يا عم، إلى من تكلني؟ لا أب لي ولا أم لي، فرق له أبو طالب وقال: والله لأخرجن به معي، ولا يفارقني ولا أفارقه أبداً. أو كما قال.