للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدراهم، قال: فذهب فأراه فقالوا: هذا خير من دراهمك؛ قال: فجاء فقال: رد علينا دراهمنا بارك الله فيك، فرددت عليه الدراهم وأخذت الثوب.

قال حماد بن سلمة: أراد أبو العالية سفراً، فسمع رجلاً يقول: يا متوكل؛ فأقام.

حكى أبو عبد الله بن خفيف، عن أبي العالية قال: وقع في رجله الإكلة فقالوا تحتاج تقطع، فأبى عليهم، فارتفع إلى ساقه، فقيل له: إن لم تقطعه ارتفع إلى فخذك ومت فتكون قاتل نفسك، فقال: إن كان ولابد فأحضروا لي قارئاً، فإذا رأيتموني قد احمر لوني وحددت بصري فافعلوا ما بدا لكم. فأحضر له قارئ فقرأ، فحدد بصره واحمر لونه، فقاموا فوضعوا على رجله المنشار فقطعوه وهو على حاله؛ فلما أفاق سألوه: هل ألمت؟ فقال: شغلني برد محبة الله عن حرارة سكينه؛ ثم أخذ رجله فقال: إن سألني الله يوم القيامة: هل مشيت بها منذ أربعين سنةً في شيء لم أرضه؟ لقلت: لا، وأنا صادق.

وعن أبي العالية قال: سيأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن وتبلى كما تبلى ثيابهم، ولا يجدون له حلاوة ولا لذاذة، إن قصروا عما أمروا به قالوا: إن الله غفور رحيم، وإن عملوا ما نهوا عنه قالوا: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك " أمرهم كله طمع ليس معه خوف، لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، أفضلهم في أنفسهم الماهن.

قال أبو العالية: لما كان زمن علي ومعاوية وإني لشاب، القتال أحب إلي من الطعام الطيب، فتجهزت بجهاز حسن حتى أتيتهم، فإذا صفان ما يرى طرفاهما، إذا كبر هؤلاء كبر هؤلاء، وإذا هلل هؤلاء هلل هؤلاء؛ قال: فراجعت نفسي فقلت: أي الفريقين أنزله كافراً، وأي الفريقين أنزله مؤمناً، أو من أكرهني على هذا؟ فما أمسيت حتى رجعت وتركتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>