للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أحمد بن أبي الحواري: جلست آكل، وجعلت رابعة تذكرني، قلت لها: دعينا تهنينا بطعامنا، قالت: ليس أنت ولا أنا ممن يتنغص عليه الطعام عند ذكر الآخرة.

وقال أحمد: سمعت رابعة تقول: ما رأيت ثلجاُ قط إلا ذكرت تطاير الصحف، ولا رأيت جراداً قط إلا ذكرت الحشر، ولا سمعت أذاناً قط إلا ذكرت منادي القيامة.

قال: وقلت لنفسي: كوني في الدنيا بمنزلة المطر الواقع حتى يأتيك قضاؤه.

قال أحمد: قلت لرابعة وهي امرأتي وقامت بالليل: قد رأينا أبا سليمان وتعبدنا معه، ما رأيت من يقوم في أول الليل! فقالت: سبحان الله! مثلك يتكلم بمثل هذا! إنما أقوم إذا نوديت.

قال أحمد بن الحواري: كان لرابعة أحوال شتى، فمرة غلب عليها الحب، ومرة غلب عليها الأنس، ومرة غلب عليها الخوف؛ فسمعتها في حال الحب تقول:

حبيب ليس يعدله حبيب ... ولا لسواه في قلبي نصيب

حبيب غاب عن بصري وشخصي ... وفي قلبي حبيب لا يغيب

وسمعتها في حال الأنس تقول:

ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي ... وأبحت جسمي من أراد جلوسي

فالجسم مني للجليس مؤانس ... وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

<<  <  ج: ص:  >  >>