عبد الله إلى الرصافة فنزلها، وسعى في الصلح على خلع المستعين وتسليم الأمر للمعتز، وسعى فيه رجال من الوجوه، ووقعت فيه شرائط مؤكدة فخلع المستعين بالله نفسه ببغداد في الرصافة في المحرم سنة اثنتين وخمسين ومئتين، وسلم الأمر للمعتز بالله، وبايع له، وأشهد على نفسه، فكانت خلافه المستعين ثلاث سنين وتسعة أشهر. وأخذ المستعين بعد خلعه إلى واسط موكلاً به، فخرج من مدينة السلام بعد خلعه بثمانية أيام، وأقام بواسط تسعة أشهر في التوكل به، ثم حمل إلى سر من رأى، فقتل بقادسية سر من رأى في أول شوال، وقيل: آخر رمضان سنة اثنين وخمسين ومئتين، وله إحدى وثلاثون سنة وكسر.
وكان المستعين بوجهه أثر جدري، في لسانه لثغةٌ على السين يميل بها إلى الثاء.
ولما أنزل المعتز بالله من لؤلؤة، وبويع له ركب إلى أمه، وهي في القصر المعروف بالهاروني، فلما دخل عليها، وسألته عن خبره قال لها: قد كنت كالمريض المدنف، وأنا الآن كالذي وقع في النزع، يعني أنه بويع له بسر من رأى والمستعين خليفةٌ مجتمعٌ عليه في الشرق والغرب.
وأم المعتز أم ولد يقال لها: قبيحة رومية أدركت خلافته.
وقتل يوم الجمعة مستهل شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوماً. فكانت خلافته من يوم بويع له ببغداد، واجتمع الناس عليه إلى يوم خلع بسر من رأى وقبض عليه صالحٌ بن وصيف فحبسه ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوماً، وحبس خمسة أيام، ثم قتل يوم الجمعة بعد العصر مستهل شعبان.