فبينا جناح ليلةً يسمر عند الوليد إذ قال: يا جناح، قد أرقني كثرة نقيق الضفادع في هذه الليلة في هذه البركة. فقال له جناحٌ: إن عندي يهودياً معه علم، يذكر أن معه اسم الله الأعظم، وأرجو أن يكون عنده في ذلك شيء. فرجع جناحٌ إلى رحله فقال له: يا زرعة، إن أمير المؤمنين شكا إلي كثرة نقيق هذه الضفادع، أفعندك فيها حيلة؟ قال: نعم. فأخذ أربع شقافٍ فكتب فيها كلاماً بالعبرانية، ثم ألقاها في أربع زواياها في كل زاويةٍ شقفة، فهدأ النقيق.
فأرسل الوليد إلى جناحٍ يسأله: ما هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ذلك اليهودي الذي عرفتك فعل كيت وكيت. فقال: قد أوحشني ذلك فلو نق منها عدادٌ، فقال جناحٌ لزرعة ذلك: فأخذ شقفةً، فيها كلاماً بالعبرانية، وألقاه في البركة، فنق منها عداد.
فكتب وكيل عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن عبد العزيز، وهو بالمدينة، يخبره بقصة الرجل الذي نفاه، وما كان من أمره، وقصته في الضفادع. فكتب عمر إلى الوليد: يا أمير المؤمنين، إن هذا اليهودي قد ضج منه أهل المدينة، وقد أفسد المدينة، ولا آمن أن يفسد الشام، فبعث إليه الوليد، فأخبره بكتاب عمر، وقرأه عليه، وهم بقتله، فقال له زرعة: فإني أتوب إلى الله من السحر، وأسلم على يدك. قال إسماعيل فصح عندنا إسلامه، ولم تصح عندنا توبته من السحر.
قال عطية بن قيس الكلابي: رافقني يهوديٌّ قدم من الحجاز من بيت المقدس إلى دمشق، فنزلنا ببيسان، فقال: ألا أريك شيئاً حسناً؟ فانحدر إلى النهر، فأخذ ضفدعاً، فجعل في عنقها شعرةً من ذنب فرسٍ، فحانت مني التفاتةٌ فإذا هي خنزير في عنقه حبل شريط، فدخل به بيسان، فباعه من بعض الأنباط بخمسة دراهم.
ثم ارتحلنا، فسرنا غير بعيد، فإذا الأنباط يتعادون في إثرنا، فقلت له: قد أقبل