فقالت امرأته لميس الأرأشية لابنها خداش بن زهير: اذهب إلى أبيك حين ينصرف، فخذ بيده، فقده. فخرج حتى انتهى إلى زهير فقال: ما جاء بك يا بني؟ فقال: كذا وكذا. قال: اذهب. فأبى، فانصرف تلك الليلة معه، ثم كان من الغد، فجاءه الغلام، فقال له: انصرف، فأبى، فسأل الغلام، فكتمه، فتوعده فأخبره الغلام الخبر، فأخذه فاحتضنه، فرجع به، ثم أتى أهله، فأقسم زهير بالله لا يذوق إلا الخمر، فمكث ثمانية أيام ثم مات.
وذكر ابن الكلبي:
أن زهير بن جناب أوقع بالعرب مئتي وقعة، وقيل خمس مئة وقعة، وهو ضعيف. وكان زهير على عهد كليب بن وائل، وكان قد أسر مهلهلاً، ولم يكن في العرب أنطق من زهير بن جناب ولا أوجه عند الملوك. وكان لشدة رأيه يسمى كاهناً.
قالوا: وشرب زهير الخمر صرفاً حتى مات، وشربها أبو براء عامر بن مالك بن جعفر صرفاً حتى مات، وشربها عمرو بن كلثوم التغلبي صرفاً حتى مات. قال: ولم يبلغنا أن أحداً فعل ذلك من العرب إلا هؤلاء.
وقال زهير بن جناب الكلبي لبنيه: يا بني، عليكم باصطناع المعروف واكتسابه، وتلذذوا بطيب نسيمه، وارضوا بمودات صدور الرجال من أيمانه، فرب رجل قد صفر من ماله فعاش به هو وعقبه من بعده.
وفي حديث آخر: يا بني، عليكم بالزهد في الدنيا تربحوا أبدانكم، ولا تعدوا استكثاراً من حرام مالاً، وتنكبوا كل حديث مشنوع، ولا تقبلوا من الأخبار إلا ما يجوز في الرأي.