بناتك؟ قال: نعم. فادعاه سنة أربع وأربعين، فجمع معاوية أشراف الناس ووجوههم، وخطبهم، وقال: أنشد الله رجلاً كان عنده علم من زياد إلا قام به. فقام المنذر بن الزبير بن العوام، فشهد أنه سمع علي بن أبي طالب يقول: أشهد أن أبا سفيان أشهدني أن زياداً ابنه، وقام أبو مريم مالك بن ربيعة السلولي، وكان ممن شهد فتح الأبلة، فشهد أن أبا سفيان أقر أن زياداً ابنه، وشهد المستورد بن قدامة الباهلي، وابن أبي بصير الثقفي، وزيد بن نفيل الأزدي، ورجل من بني عمرو بن شيبان، وشعبة بن القلعم المازني، وزياد بن أسامة الحرمازي أن زياداً ابن أبي سفيان. وقام رجل من بني المصطلق فقال: أشهد أن أبا سفيان كان بيني وبين علي بن أبي طالب، وزياد يتكلم عند عمر بعذر أبي موسى، فقال أبو سفيان: والله إنه لابني، وإنه من نطفة أقررتها في رحم أمه سمية.
فلما شهد الشهود حمد الله معاوية، ثم قال: إنه من يرد الله رفع خسيسته وإثبات وطيدته يسبب له الأمور، ويجري له المقادير، على ما أحب الناس أو كرهوا، حتى يبلغ المنصب المشهور. وإن زياداً عبدٌ من عبيد الله، امتن الله عليه وعلينا معه بألفة رحمة، فوشجت العروق في منابتها، ومت برحمٍ غير منقطعةٍ، فالحمد لله الذي وصل ما قطع الناس، ولطف لما أجفوا، وحفظ ما ضيعوا. ثم تكلم زياد، فحمد الله وقال: هذا أمر لم أشهد أوله، ولم أدع آخره، وقد قال أمير المؤمنين ما قد سمعتم، وشهدت الشهود بما قد حضرتم، فأنا امرؤ رفع الله مني ما وضع الناس، وحفظ مني ما ضيعوا، فإن يك ما قالوا حقاً فالحمد لله على بلائه عندنا ونعمه علينا، وإن يك ما قالوا باطلاً فقد جعلت الرجال فيما بيني وبين الله عز وجل.