سرني إذ لقنت علي الحجة ليكون ذلك لي أدباً فيما أستقبل. وأنا لك بحيث تحب، فاجعل منزلك علي. ففعلت، فأكرمني، وأحسن منزلتي.
قال ابن دريد: البيتان ليزيد بن معاوية، وذلك أنه حمل قرداً على أتانٍ وحشيةٍ فسبق بينها وبين الخيل.
كان زياد بن عبيد الله الحارثي خال أبي العباس أمير المؤمنين والياً لأبي العباس على مكة، فحضر أشعب مائدته في أناس من أهل مكة، وكانت لزياد بن عبيد الله صحفة يخص بها فيها مضيرة من لحم جديٍ، فأتي بها، فأمر الغلام أن يضعها بين يدي أشعب، وهو لا يدري أنها المضيرة، فأكلها أشعب حتى أتى على ما فيها، فاستبطأ زياد بن عبيد الله المضيرة، فقال: يا غلام الصحفة التي كنت تأتيني بها؟! قال: أتيتك بها أصلحك الله، فأمرتني أن أضعها بين يدي أبي العلاء. قال: هنأ الله أبا العلاء. فلما رفعت المائدة قال: يا أبا العلاء وذلك في استقبال شهر رمضان قد حضر هذا الشهر المبارك، وقد رققت لأهل السجن لما هم فيه من الضر ثم لا نهجام الصوم عليهم، وقد رأيت أن أصيرك إليهم فتلهيهم بالنهار وتصلي بهم بالليل. وكان أشعث حافظاً، فقال: أو غير ذلك، أصلح الله الأمير؟ قال: ما هو؟ قال: أعطي الله عهداً ألا آكل مضيرة جدي أبداً.
دخل أبو حمزة الربعي من ولد ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب على زياد بن عبيد الله الحارثي، وهو والي المدينة، فقال: أصلح الله الأمير، بلغني أن أمير المؤمنين المنصور وجه إليك بمالٍ تقسمه على القواعد، والعميان، والأيتام. قال: قد كان ذلك، فتقول ماذا؟ قال: تكتبني في القواعد. قال: إنما القواعد اللائي قعدن عن الأزواج، وأنت رجل! قال: فاكتبني في العميان. قال: أما هذا فنعم، اكتبه يا غلام، فقد قال الله عز وجل:" فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ". وأنا أشهد أن أبا حمزة أعمى. قال: واكتب بني في الأيتام. قال: اكتبهم يا غلام، فمن كان أبو حمزة أباه فهو يتيم. قال: فأخذ في العميان، وأخذ بنوه في الأيتام.