وروى جعفر بن محمد عن أبيه: في قوله تبارك وتعالى: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " قال: لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية. وروى ابن عباس قال: كانت امرأة الجاهلية من خثعم تعرض نفسها في مواسم الحج، وكانت ذات جمال وكان معها أدم أن تطوف بها كأنها تبيعها، فأتت على عبد الله بن عبد المطلب فأظن أنه أعجبها فقالت: إني والله، ما أطوف بهذا الأدم، ومالي بها وإلى ثمنها حاجة، وإنما أتوسم هل أجد كفؤاً، فإن كانت لك إلي حاجة فقم، فقال لها: مكانك أرجع إليك، فانطلق إلى رحله فبدأ فواقع أهله فحملت بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما رجع إليها قال: ألا أراك ها هنا؟ قالت: ومن أنت؟ قال: الذي واعدتك. قالت: لا ما أنت هو، ولئن كنت هو لقد رأيت بين عينيك نوراً ما أراه الآن.
وفي رواية قالت: هل أتيت امرأة بعدي؟ قال: نعم، امرأتي آمنة بنت وهب. قال: فلا حاجة لي فيك. إنك مررت وبين عينيك نور ساطع إلى السماء، فلما وقعت عليها ذهب. فأخبرها أنها قد حملت خير أهل الأرض.
وقال ابن العباس: لما انطلق عبد المطلب بابنه عبد الله ليزوجه مر به على كاهنة من أهل تبالة متهودة، قد قرأت الكتب يقال لها فاطمة بنت مر الخثعمية، فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقالت: يا فتى هل لك أن تقع علي الآن وأعطيك ئة من الإبل؟ فقال عبد الله:
أما الحرام فالممات دونه ... والحل لا حل فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه؟
فزوجه آمنة بنت وهب، فأقام عندها ثلاثاً، ثم إن نفسه دعته إلى ما دعته إليه