رضي الله عنه. قال عبد الرحمن: فإني لمع نفرٍ من الأنصار، والناس في أمر عظيم، قال: فهومت تهويمةً، فرأيت شيئاً أقبل طويل العنق مثل عنق البعير، أهدب، أهدل، فقلت: ما أنت؟ قال: أنا النقاد ذو الرقبة، بعثت إلى صاحب هذا القصر. فاستيقظت فزعاً، فقلت لأصحابي: هل رأيتم ما رأيت؟ قالوا: لا. فأخبرتهم. قال: ويخرج علينا خارج من القصر فقال: إن الأمير يقول لكم: انصرفوا عني فإني عنكم مشغول. وإذا الطاعون قد ضربه، فأنشأ عبد الرحمن بن السائب يقول: من البسيط
ما كان منتهياً عما أراد بنا ... حتى تناوله النقاد ذو الرقبه
فأثبت الشق منه ضربة ثبتت ... كما تناول ظلماً صاحب الرحبه
وفي رواية: فإذا الفالج قد ضربه.
حدث محمد بن إدريس الشافعي قال: أوصى زياد فقال: هذا ما أوصى به زياد بن أبي سفيان حيث أتاه من أمر الله ما ينتظر، ومن قدرته ما لا ينكر، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من عرف ربه، وخاف ذنبه، وأن محمداً عبده ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأوصى أمير المؤمنين، وجماعة المسلمين بتقوى الله حق تقاته، ولا يموتن إلا وهم مسلمون، وأن يتعاهدوا كبير أمرهم وصغيره، فإن الثواب في الكبير على قدره في التحمل له، والصبر غير قليل في حاجتهم إليه وطاعتهم الله فيه، وإن جعل لعباده عقولاً عاقبهم بها على معصيته، وأثابهم على طاعته، والناس بين محسن بنعمة الله عليه ومسيء بخذلان الله إياه، ولله النعمة على المحسن، والحجة على المسيء، فما أحق من تمت نعمة الله عليه في نفسه، ورأى العبرة في غيره، بأن يضع الدنيا بحيث وضعها الله، فيعطي ما عليه منها، ولا يتكثر مما ليس له فيها، فإن الدنيا دار لا سبيل إلى بقائها، ولا بد من لقاء الله، فأحذركم الله الذي حذركم نفسه، وأوصيكم بتعجيل ما أخرت العجزة حتى صاروا إلى دار ليست لهم منها أوبةٌ، ولا يقدرون فيها على توبة، وأنا أستخلف الله عليكم، وأستخلفه منكم.