للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدث زياد بن النضر الحارثي قال: كنا على غدير لنا في الجاهلية، ومعنا رجل من الحي يقال له عمرو بن مالك، معه بنية له شابة، على ظهرها ذؤابة، فقال له أبوها: خذي هذه الصفحة وأتى الغدير فجيئينا بشيء من مائه. فانطلقت، فوافقها عليه جانٌّ، فاختطفها فذهب بها، فلما فقدناها نادى أبوها في الحي، فخرجنا على كل صعبٍ وذلول، وقصدنا كل شعبٍ ونقبٍ، فلم نجد لها أثراً، ومضت على ذلك السنون، حتى كان زمن عمر بن الخطاب، فإذا هي قد جاءت، وقد عفا شعرها وأظفارها، وتغيرت حالها، فقال لها أبوها: أي بنية! أين كنت!؟ وقام إليها يقبلها، ويشم ريحها، فقالت: يا أبه، أتذكر ليلة الغدير؟ قال: نعم. قالت: فإنه وافقني عليه جانٌّ، فاختطفني، فذهب بي، فلم أزل فيهم حتى إذا كان الآن غزا هو وأهله قوماً مشركين أو غزاهم قوم مشركون فجعل لله عليه نذراً إن هم ظفروا بعدوهم أن يعتقني، ويردني إلى أهلي، فظفروا، فحملني فأصبحت عندكم، وقد جعل بيني وبينه إمارة إن احتجت إليه أن أولول بصوتي، فإنه يحضرني.

قال: فأخذ أبوها من شعرها وأظفارها، وأصلح من شأنها، وزوجها رجلاً من أهله، فوقع بينها وبينه ذات يوم ما يقع بين المرأة وزوجها، فعيرها، وقال: يا مجنونة، والله إن نشأت إلا في الجن، فصاحت وولولوت بأعلى صوتها، فإذا هاتفٌ يهتف: يا معشر بني الحارث، اجتمعوا فكونوا حياً كراماً. فاجتمعنا، فقلنا: من أنت يرحمك الله، فأنا نسمع صوتاً ولا نرى شخصاً!؟ قال: أنا راب فلانةٍ، رغبتها في الجاهلية بحسبي، وصنتها في الإسلام بديني، ووالله إن نلت منها محرماً قط، واستغاثت في هذا الوقت، فحضرت، فسألتها عن أمرها، فزعمت أن زوجها عيرها بأن كانت فينا، ووالله لو كنت تقدمت إليه لفقأت عينه. قال: فقلنا: يا عبد الله، لك الحباء والجزء والمكافأة فقال: ذاك إليه يعني الزوج قال: فقامت إليه عجوز من الحي فقالت: أسألك عن شيء؟ قال: سلي. قالت: إن لي بنية عراساً أصابتها حضنة، فتمزق رأسها، وقد أخذتها حمى الربع، فهل لها من دواء؟ قال: نعم، اعمدي إلى باب الماء الطويل القوائم الذي يكون على أفواه الأنهار، فخذي منها واحدة، فاجعليه في سبعة ألوان عهنٍ من أصفرها وأحمرها وأخضرها

<<  <  ج: ص:  >  >>