قال: فلله الحمد. فأتته بعشائه، فأصاب منه، ثم قامت فتطيبت، وتعرضت له، فأصاب منها، فلما علمت أنه قد طعم، وأصاب منها قالت: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قوماً أعاروا قوماً عارية لهم فسألوهم إياها أكان لهم أن يمنعوهم؟ فقال: لا، قالت: فإن الله عز وجل كان أعارك ابنك عارية ثم قبضه إليه، فاحتسب ابنك، واصبر. فغضب ثم قال: تركتني حتى إذا وقعت بما وقعت به نعيت إلي ابني؟ ثم غدا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" بارك الله لكما في غابر ليلتكما ". وفي رواية: فقال: والذي بعثني بالحق لقد قذف الله في رحمها ذكراً بصبرها على ولدها، فثمر حملها.
وكانت أم سليم تسافر مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تخرج معه إذا خرج، وتدخل معه إذا دخل، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إذا ولدت أم سليم فائتوني بالصبي ". فأخذها الطلق ليلة قربهم من المدينة. قالت: اللهم إني كنت أدخل إذا دخل نبيك، وأخرج إذا خرج نبيك، وقد حضرنا هذا الأمر. فولدت غلاماً حين قدما المدينة، فقالت لابنها أنس: انطلق بالصبي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يسم إبلاً وغنماً، فلما نظر إليه قال لأنس: أولدت أم ملحان؟ قال: نعم. فألقى ما في يده، فتناول الصبي، فقال: ائتوني بتمرات عجوة، فأخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التمر فجعل يحنك الصبي، وجعل الصبي يتلمظ، فقال: انظروا إلى حب الأنصار التمر، فحنكه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسماه عبد الله. قال ثابت: وكان يعد من خيار المسلمين.
وعن أنس قال: قال أبو طلحة: رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر، فما منهم أحد إلا وهو يميد من النعاس تحت حجفته.
وعن أنس قال: لما كان يوم أحد انهزم ناسٌ من الناس عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو طلحة بين يدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجوباً عليه بحجفةٍ له. قال: وكان أبو طلحة رجلاً رامياً شديد