عمر بن علي بن أبي طالب، وأيوب بن سلمة، فحبس زيد، وبعث إلى أولئك، فقدم بهم، ثم حملهم إلى يوسف بن عمر بالكوفة، فاستحلفه ما عنده لخالد مالٌ، وخلا سبيله. حتى إذا كان بالقادسية لحقته الشيعة، فسألوه الرجوع معهم والخروج، ففعل، ثم تفرقوا عنه إلا نفر يسير، فنسبوا إلى الزيدية، ونسب من تفرق عنه إلى الرافضة.
قال عبد الله بن جعفر: دخل زيد بن علي على هشام بن عبد الملك، فرفع ديناً كثيراً وحوائج، فلم يقض له هشام حاجة، وتجهمه، وأسمعه كلاماً شديداً، قال عبد الله بن جعفر: فأخبرني سالم مولى هشام وحاجبه أن زيد بن علي خرج من عند هشام وهو يأخذ شاربه بيده ويفتله، ويقول: ما أحب الحياة أحدٌ قط إلا ذل، ثم مضى، فكان وجهه إلى الكوفة، فخرج بها، ويوسف بن عمر الثقفي عامٌل لهشام بن عبد الملك على العراق، فوجه إلى زيد بن علي من يقاتله، فاقتتلوا، وتفرق عن زيد من خرج معه، ثم قتل وصلب. قال سالم: فأخبرت هشاماً بعد ذلك بما قال زيد يوم خرج من عنده فقال: ثكلتك أمك، ألا كنت أخبرتني بذلك قبل اليوم، وما كان يرضيه، إنما كانت خمس مئة ألف، فكان ذلك أهون علينا مما صار إليه.
قال عبد الرحمن بن عبد الله الزهري: دخل زيد بن علي مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصف النهار في يوم حار من باب السوق، فرأى سعد بن إبراهيم في جماعة من القرشيين قد حان قيامهم، فقاموا، فأشار إليهم، فقال لهم سعد بن إبراهيم: هذا زيد يشير إليكم فقوموا له. فجاءهم، فقال: أي قوم! أنتم أضعف من أهل الحرة؟ فقالوا: لا. فقال: فأنا أشهد أن يزيد ليس شراً من هشام بن عبد الملك، فما لكم؟ فقال سعد لأصحابه: مدة هذا قصيرة، فلم ينشب أن خرج فقتل.
ولما قدم زيد بن علي إلى الشام كان حسن الخلق، حلو اللسان، فبلغ ذلك هشام بن عبد الملك، فاشتد عليه، فشكا ذلك إلى مولى له، فقال له: ائذن للناس إذناً عاماً، واحجب زيداً، ثم ائذن له في آخر الناس، فإذا دخل عليك فسلم فلا ترد عليه، ولا تأمره