وعن جعفر بن برقان قال: خطبنا سالم بن وابصة بالرقة على المنبر فذكر عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبهم يوم عرفة فقال: " أيها الناس، إني لا أراني وإياكم نجتمع في هذا المجلس أبداً، فأي يوم هذا؟ قالوا: عرفة. قال: فأي بلد هذا؟ قالوا: البلد الحرام. قال: فأي شهرٍ هذا؟ قالوا: الشهر الحرام. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. هل بلغت؟ اللهم اشهد ".
كان سالم بن وابصة الأسدي رجلاً حليماً، وكان له ابن عم سفيه يحسده، ولم يكن يبلغ في الشرف مبلغه، فكان ينتقصه، فقال سالم ذلك لإخوانه وخاصته من بني عمه، فقال رجل منهم: تعهد أهله وولده بالصلة ودعه فإنه سيصلح. ففعل، فأتاه ابن عمه ذاك فقال له: أنت أحق الناس بما صنعت، وأنت أولى بالكرم مني، والله لا أعود لشيءٍ تكرهه أبداً مني. فقال سالم في ذلك: من البسيط
ذو نيربٍ من موالي السوء ذو حسدٍ ... يقتات لحمي فما يشفيه من قرم
كقنفذ الرمل ما تخفى مدارجه ... خب إذا نام عنه الناس لم ينم
محتضناً ظرباناً ما يزايله ... يبدي لي الغش والعوراء في الكلم
داويت قلباً طويلاً غمره قرحاً ... منه وقلمت أظفاراً بلا جلم
بالرفق والحلم أسديه وألحمه ... بقياً وحفظاً لما لم يرع من رحمي
كأن سمعي إذا ما قال محفظةً ... يصم عنها وما بالسمع من صمم