قال السري: اليقين أن لا تهتم لرزقك الذي قد كفيته وتغفل عن عملك الذي قد أمرت به، فإن اليقين يسوق إليك الرزق سوقاً.
قال الجنيد: سمعت السري يقول:
إن الله سلب الدنيا عن أوليائه. وحماها عن أصفيائه، وأخرجها من قلوب أهل وداده، لأنه لم يرضها لهم.
قال الجنيد: سمعت السري السقطي يقول: صليت وردي ليلة، ومددت رجلي في المحراب، فنوديت: يا سري! كذا تجالس الملوك؟ قال: فضممت رجلي، وقلت: وعزتك لا مددتها أبداً. قال الجنيد: فبقي بعد ذلك ستين سنة ما مد رجله ليلاً ولا نهاراً.
قال سري السقطي: غزوت راجلاً فنزلت خربةً للروم، فألقيت نفسي على ظهري، ورفعت رجلي على جدار، فإذا هاتفٌ يهتف بي: يا سري بن مغلس! هكذا تجلس العبيد بين يدي أربابها؟ قال الجنيد: سمعت السري بن المغلس، وقد ذكر الناس فقال: لا تعمل لهم شيئاً، ولا تترك لهم شيئاً، ولا تعط لهم شيئاً، ولا تكشف لهم شيئاً. قال الجنيد: يريد بهذا القول تكون أعمالك كلها لله وحده.
قال: وسمعت السري يقول: لو أحسست بإنسان يريد أن يدخل علي قلت: كذا بلحيتي وأمر يده على لحيته كأنه يريد أن يسويها من أجل دخول الداخل عليه لخفت أن يعذبني الله على ذلك بالنار.
قال: وسمعت السري يقول: إنما أذهب أكثر أعمال القراء العجب وخفي الرياء أو كلام نحو هذا.
وقال السري: عملٌ قليل في سنةٍ خيرٌ من كثير في بدعة، كيف يقل عملٌ مع التقوى؟